منذ سنوات والتربويون في بعض المجتمعات الغربية ينادون بضرورة إلغاء (الاختلاط في المدارس) في التعليم الرسمي .. وقد تراجع عدد من الذين كانوا مؤيدين للحركة النسوية التي لا تساوي فقط بين الرجل والمرأة بل بإلغاء دور الرجل وتسييد دور النساء.. هؤلاء تراجعوا عن ذلك وظهرت مؤلفاتهم وهي تشرح هذا التراجع وتوضح كيف ان نتائج هذه الحركة والتيار الأنثوي أصبحت وبالاً على تنشئة الأبناء وعلى نفسياتهم ومنهم جيمس تولي James Tooley في كتابه The Miseducation of women "الخطأ في تعليم النساء" ولقد سبق أن استعرضت بعض ما جاء في هذا الكتاب من أفكار في عدد من مقالاتي قبل أعوام..

وإذا استرجعنا ما سبق أن طالب به الرئيس بوش من ضرورة إلغاء الاختلاط في المدارس بغية تحسين نسبة النجاح بين الطلاب الذكور والحفاظ على القيم وتقليل مخاطر الاختلاط بين الجنسين.. فإننا نلمس تصاعد المطالبات أكثر وأكثر بإعادة النظر في التعليم الرسمي المختلط وفصل الفتيان عن الفتيات في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في الولايات المتحدة الأمريكية!! وهي التي تقود حركة المساواة بين الجنسين وفق منطلقاتها الدستورية وعدم التمييز بينهما، فنجد أن المراكز العليا فيها توجه هذه الدعوات والقرارات كما نشر في صحيفة الحياة في عددها الصادر يوم الخميس 11/ذي الحجة الحالي مطالبة بتنفيذ ذلك حفاظاً على (العفة) لتلميذات المدارس.. وتنظر كندا وخصوصاً مقاطعة كيبك في منع الاختلاط من زاوية مختلفة في إطار معالجة ظاهرة الرسوب المدرسي المرتفعة عاماً بعد عام وتدارك تداعياتها. وهناك نجد أن المسؤولين التربويين في كندا وفي مقاطعة كيبك خصوصاً حريصون على إيجاد حلول جذرية لظاهرة الرسوب المدرسي والتفاوت الكبير لنسب النجاح بين الجنسين التي بلغت في حدود 67% بين الفتيات مقارنة بنسبة 43% بين الذكور وهي نسب لم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات. وثمة من يعيد جذور هذه المشكلة إلى (الفطرة) وآخرون يرون أنها في (الجينات)، والآخرون يرون ضرورة الفصل بين الجنسين في بعض المقررات كي يحلّوا هذا التدني في نسب النجاح..

ويشرح أحد أساتذة جامعة لافال في كيبك وهو من خبراء التربية هناك بأن هذا التدني في نسب النجاح يعود إلى عدم حرص الصبيان على معرفة أسباب هذا التدني في مستوياتهم الدراسية ورفضهم النصح والتوجيه والإرشاد ويتصفون بالاستهتار.. وأوضح أن الصبيان في مرحلتهم الدراسية هذه علاوة على الاستهتار فإنهم يشعرون بالاستقلال المبكر وأكدت معلماتهم هذا الرأي وأوضحن أن التلاميذ ذكوراً وإناثاً يتعايشون جنباً إلى جنب منذ أن يدخلوا المدرسة، إلا ان الصبيان في نظرهن لا يلبثون في "سن العاشرة" أن يتحولوا من أطفال خجولين إلى أشخاص وقحين يهملون في واجباتهم المدرسية ويحتقرون زميلاتهم!!

وهناك من يعتبر أن وجود المعلمات بكثافة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة نحو 70% عامل آخر في تدني نسبة نجاح الصبيان وانضباطهم لأن هؤلاء الصبيان لا يرون في معلماتهم (قدوة أو نموذجاً) يُحتذى به!!

إذاً نحن أمام قضايا تربوية حسمها الدين الإسلامي قبل ألف وأربعمائة وثمان وعشرين عاماً بدءاً من فرقوا بينهم في المضاجع وانتهاء بآية فرض الحجاب على المسلمات جميعهن وليس نساء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كما هي النداءات مؤخراً بين الذين يرغبون في تقليد النموذج الغربي "حذو القذة بالقذة"!!

@@ أما في الولايات المتحدة الأمريكية وسواها من المجتمعات الغربية فنجد أن أكثر من نصف المراهقين بين سن الرابعة عشرة والسابعة عشرة خاضوا تجارب جنسية بعيداً عن أي رقابة دينية أو تربوية أو صحية!! وبالطبع كانت حالات الحمل غير المشروع تتزايد وتنتشر بين المراهقات ففي أمريكا بلغت نحو نصف مليون حالة سنويا!! وهي النسبة الأعلى في العالم ولهذا نجد أن هناك (برامج العفة) التي تهتم بتنفيذها الحكومة الأمريكية في المدارس الابتدائية والمتوسطة وتنفق فيها حوالي 175مليون دولار سنوياً!!

وتقول السيدة ويندي رايت رئيسة (النساء الحريصات) الأمريكية :إن أي تعليم في المدارس خارج إطار (العفة) هو سلوك بوهيمي مشين!!

.. (العفة) هي الفطرة في الإنسان ولهذا هم يطالبون بالعودة إليها رغم الحملة التي يصنعها الإعلام والعولمة لتسويق الجنس وتعزيز سوق الغرائز الجنسية حتى لعب الأطفال (البلي ستيشن) وصلت إليها!!

@@ هذه حقائق تربوية صادرة من مجتمعات تتحمل فيها النساء وحدهن وزر هذه الحمى الجنسية فهن اللاتي يحملن سفاحاً وهن اللاتي يتحملن الولادة والتربية والعمل ليصرفن على هؤلاء الأطفال الذين غالباً ما يهرب آباؤهم!! بل هناك نسب كبيرة من هؤلاء الآباء يحاولون قتل النساء اللاتي يحملن منهم سفاحاً!! ولقد ناقش عدد من البرامج الأمريكية في القنوات التلفازية هذه الجرائم.. فهل ما تعيشه هؤلاء النساء هو (حرية)!! أم استعباد لهن لسيد واحد هو تجار العولمة؟!

@@ نداءات العفة والعودة للفطرة هي النداءات الأصل التي سوف تستمر تياراتها إلى أن يستقر المجتمع هناك على ما يحقق الأمن والحرية الحقيقية لأفراده والنساء على وجه الخصوص.. وهذا مؤشر حضاري ينبغي على العقلاء في عالمنا العربي أن يحذوا حذوه!! إذا غاب عنهم ما في الإسلام من جوهر وأمن لكل فرد فيه..