هل نحتاج لأن نقول إن اللغة العربية لغة أهل الجنة وهي لغة قرآننا العظيم.. ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم كان حامل الرسالة والوعاء الفكري للعالم الإسلامي من خلال هذه اللغة الرائعة التي الحفاظ عليها هو جزء أساس من الحفاظ على هذه الأمة المسلمة في مختلف بقاع الأرض..؟

اللغة العربية في مجتمعنا وبقية المجتمعات العربية بدأت تشهد انحساراً على مستوى الخدمات والتعامل خصوصاً في القطاع الخاص فمعظم المعاملات باللغة الإنجليزية وحتى فواتير معارض العطور!!

لم أعرف مجتمعاً لم يدنس بالمستعمر الأجنبي الذي يفرض عند احتلاله إلغاء اللغة العربية أو إضعافها كما هي في تعامل فرنسا السابق على الأرض الجزائرية وبقية الدول العربية التي كانت تحت الاحتلال الأجنبي، فأضعف لغتها العربية الأم..

هنا ولله الحمد لم يتم هذا لدينا ولكننا بطواعية غريبة أصبحنا نبتعد عن لغتنا العربية التي هي جزء أساس من كينونتنا وهويتنا الإسلامية.. ونجتهد في إحلال اللغة الإنجليزية بدلاً منها، ومعظم المؤتمرات والندوات التي تعقد ويكون ضمن المشاركين ربما 10- 20شخصاً فقط من الأجانب الذين لا يتقنون اللغة العربية ولكن رغم هذا (يصر) المشاركون على التحدث باللغة الإنجليزية!!

ألا يؤكد هذا أننا نعاني من عدم الثقة في أنفسنا وفي اعتزازنا المفروض بلغتنا العربية؟!

حتى استخدامنا في التاريخ تحول من التقويم الهجري إلى التقويم الميلادي!! وهذه كارثة أخرى تبعدنا عن دوائرنا الإسلامية وذاكرتنا التاريخية المرتبطة بتاريخ هجرة أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حاملاً ضوء هذا الدين لينشره في بقاع العالم من هناك من المدينة المنورة.. هذه الذاكرة لماذا نغيّبها ونحن نصر على استخدام التقويم الميلادي؟

.. الآن في الغرب هناك اهتمام باللغة العربية فالعديدون في جامعات الغرب يريدون تعلمها بل وتابعنا في بعض اللقاءات التلفازية عدداً من المسؤولين الرسميين البريطانيين والأمريكيين وحتى العدو الصهيوني بعض من يستضاف منهم نجده يتحدث اللغة العربية بطلاقة.. بينما بعض رجالنا العرب عندما تتم اللقاءات معه يتحدث بلغة ركيكة سيئة أو يتحدث باللهجات المحلية!!

.. وكما ينشر في الصحف وفي التقارير أن الاهتمام الغربي بهذه اللغة سيزداد لأنه يقربهم من فهم هذا العالم العربي أكثر ربما لأهداف وغايات أخرى لا تظهر الآن ولكن في جانبها المضيء هو أنها ستثري عالم اللغة العربية.

واحتفالية افتتاح برنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونسكو هي صفحة جديدة في دعم هذا التوجه العالمي، فاللغة العربية قد تم اعتمادها لغة رسمية في الأمم المتحدة في 1973/12/18م وهي اللغة الأم لأكثر من 400مليون عربي ويسعى إلى تعلمها أكثر من مليار مسلم من أصول غير عربية، كما ذكر ذلك الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في كلمته التي ألقاها في هذه الاحتفالية.

وهذا البرنامج يتضمن أربعة مجالات مهمة كالتالي:

  • ترجمة أهم الكتب المرجعية الصادرة عن المنظمة الدولية باللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى اللغة العربية.

  • دعم بوابة اليونسكو على موقع الإنترنت الخاص بها عبر اللغة العربية.

  • دعم الترجمة العربية الفورية في منظمة اليونسكو.

  • تدريب عدد من الكفاءات المتخصصة في الترجمة من العربية إلى لغات أخرى أو من هذه اللغات إلى العربية في أروقة منظمة اليونسكو على تقنيات الترجمة الفورية.

.. إن التحديات التي تواجه اللغة العربية كما جاءت على لسان الدكتور تمام حسان العالم اللغوي الكبير الذي فاز بجائزة الملك فيصل للدراسات العربية في عام 1426ه أنها: (تتمثل في أن من يتحدثون بها قد انصرفوا عنها إلى استعمال اللغات الأجنبية، بل حتى المثقفين يعطون انطباعاً عن تفوقهم الثقافي ليس بغوصهم نحو معرفتها واكتشاف قدراتها وإنما باستخدام مفردات أجنبية بديلة. وكذلك هي حال المحال التجارية والماركات بل حتى الأسماء الشخصية).

وهكذا نجد أن إهمالنا للغتنا العربية وإعلاء اللغة الإنجليزية حالياً بدلاً عنها خصوصاً في مجتمعنا السعودي هو مؤشر خطير لا بد من العمل على تداركه والاهتمام أكثر بتعميق تعلم اللغة العربية وتحسين قراءتها وكتابتها، فالدول المتقدمة تهتم بلغاتها الأم وفرنسا خير مثال.. بل حتى هؤلاء الأشخاص عندما يقدمون مشاركاتهم في منتدى جدة الاقتصادي الذي يجعل اللغة الإنجليزية هي لغة المنتدى!! نجد أن المشاركين من فرنسا أو ألمانيا أو اليابان لا يقدمون أوراقهم إلا بلغاتهم الأم!!

ونحن هنا مجتمع القرآن وجدة لا تبعد عن مكة المكرمة مهبط الوحي لا نحرص عليها ونفتخر بأن هذا المنتدى أو سواه من اللقاءات أو الشركات أو المستشفيات لا نجد فيها سوى اللغة الإنجليزية!!

حتى المدارس الخاصة والكليات الخاصة تسهم في هذه الحملة الخفية ضد إضعاف اللغة العربية وإحلال اللغة الإنجليزية بديلاً لها!!

.. اعتزازنا بلغتنا العربية لا بد أن يكون هو الأصل ثم يأتي بعدها الحرص على تعلم اللغات الأجنبية. ولكن ليس للتعامل معها في دولة نظام حكمها يوضح أن لغة هذه الدولة هي اللغة العربية.