المجزرة التي حدثت في أحد المراكز التجارية في ولاية نبراسكا بالولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام وكان بطلَها شابٌ أمريكي في التاسعة عشرة من العمر دخل إلى هذا المركز التجاري الممتلئ بالمتسوقين لأعياد الميلاد كما هي عادتهم وأطلق النار عشوائياً عليهم فمات تسعة أشخاص وجرح خمسة ثم قام بقتل نفسه بالبندقية التي نفذ بها مجزرته!!
والدة الشاب روبرت هوبكنز وجدت رسالة منه أنه ينوي الانتحار فسلمتها للشرطة.. أثناء البث للحدث عبر القنوات الفضائية كان المتحدث باسم الشرطة يرفض ذكر محتوى الرسالة!!
الرئيس الأمريكي بوش كان في زيارة للمدينة التي حدثت فيها المجزرة وتأسف لما حدث!! وشعر بحزن عميق.. ربما لأنه رئيس أقوى دولة ولم يؤمّن الأمن النفسي لمواطنيه ولهذا يلجأون للانتحار وقتل الآخرين وهو قبل ذلك مؤشر رفض لعالم مكتظ بالقسوة والحرمان العاطفي ومليء بالأسلحة النارية..
وهذه الحادثة لن تكون الأخيرة وفق السياق الإجرامي الذي تتكرر فيه هذه الجرائم والقتل العشوائي لأبرياء كانوا يزاولون حياتهم اليومية سواء في المدارس أو الجامعات أو الأسواق المركزية..
ففي شهر ابريل 2007م قتل 32شخصاً في إطلاق نار في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا!!
جميع هذه الحوادث والمجازر أثناء التغطية لها عبر القنوات والصحف لم يطلق على أي منها صفة (الإرهاب)!! ولم يتهم روبرت هوبكنز بأنه إرهابي!! مقارنة بالملاحقة بتهم الإرهاب التي أصبحت (حتمية) لكل مسلم حتى لو كان حادث سيارة وقع عليه!!
ولا ننسى تلك التغطية الإعلامية السيئة للشباب السعودي الذين أخطأوا واستخدموا أتوبيساً لنقل الطالبات للمدارس الثانوية وليس خطوط النقل العامة!! فلاحقتهم الأخبار والصور كأنهم ارتكبوا جرائم مخلة بالأمن والقانون!!
.. ربما يبدو هذا التعليق غير مهم الآن ولكنه نقطة تساؤل مهمة في عملية التصنيف والفئوية التي تمارس ضد أبنائنا الذين يدرسون هناك..
وعودة إلى الشاب روبرت هوبكنز والدوافع التي حولته إلى قاتل لتسعة أشخاص لا تربطهم به أي صلة ولكنهم في الدائرة المجتمعية التي كان يرفضها على الأقل في اللحظة التي قرر أن يغادر الحياة فسحب معه أرواحهم وترك اثنين من الجرحى برصاصه في حالة خطرة وثلاثة على قيد الحياة..
ولنتساءل هل هو نموذج لكتاب إريك فروم (هارب من الحرية) ؟! ذلك الكتاب الذي يصف حالة اللامعيارية التي يسقط فيها الإنسان في مجتمع الصناعة حيث لا روابط إنسانية ولا حميمية إنسانية تحتوي مشاعره كإنسان يرتبط بعائلة وليس فرداً ضائعاً في عالم الحريات المطلقة..
الحادث المرعب، والمجزرة التي ارتكبها هوبكنز يدفعاننا بصفتنا أناساً يهمنا التعلم من مآسي الآخرين ومصائبهم أن نتساءل: كيف كان البناء الأسري لهذا الشاب؟! من كان يعزز قيم طفولته وفتوته؟؟
ماذا غرست المدرسة في شخصيته من معاني الاحتواء والثقة بالنفس؟! وهل دخول دولته في حروب مستمرة على الدول الأخرى منذ بدايتها في عام 2001م وكان عمره حينها ثلاثة عشر عاماً أسهمت في تغلغل غريزة التدمير في ذاته؟!
أم أن حرية تعاطي المخدرات والخمور في مجتمعه رغم ما يحيط بها من قيود لا ترتبط بالتشريع قدر ارتباطها بمخالفة القانون الذي ينتهك يومياً؟! هذه الحرية عودته على أنه لاشيء يستحق العيش من أجله؟!
أم أن ألعاب البلاي ستيشن التي تحاكي القوة والقتل والتدمير أسهمت في قولبة نظرته للحياة فأضحى مستسلماً لغريزة الغاب ومنطق القوة والتدمير؟!
@@ روبرت هوبكنز لن يكون آخر من قاموا بالمجازر.. رغم عدم وصفه بالإرهابي.. ولن يتوقف هذا المسلسل الدامي الذي حوّل مجتمع أمريكا إلى أن يكون فيها وفق الشرطة الفيدرالية أكثر من 1.4مليون جريمة وعمليات اغتصاب وسطو مسلح سجلتها هذه الدولة في العام الماضي فقط!!.
مجتمعٌ تقول أمريكا إنها تحارب من أجل أن تحقق الأمن لمواطنيها تقع فيه جريمة كل 22ثانية!!
@@ ياله من مجتمع آمن!!
1
هشام العريعر
2007-12-09 09:27:50رائعة يادكتورة نورة ومتألقة دوما في تشخيص يدل على بعد نظر ثاقب
وفقك الله وسددك