منذ أسبوعين تقريباً احتفلت معظم المجتمعات باحياء ذكرى الاعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. الذي صدر وفق القرار 104/48في شهر ديسمبر 1993م وهذه المواجهة للعنف ضد المرأة بدأت تنظيمياً من المجتمعات الغربية وتحديد هذا اليوم 11/25من كل عام ميلادي لهذا الاحتفاء جاء أيضاً من تلك المجتمعات ونحن في دولنا العربية والإسلامية بالتبعية نحتفي به بمختلف الطرق ومعظمها عقد ندوات ولقاءات صحفية وتلفازية مع الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من هذا العنف سواء على مستوى الهيئات أو المنظمات المحلية والاقليمية والدولية..

وفي مارس2004م بدأت منظمة العفو الدولية حملة عالمية تحت شعار (أوقفوا العنف ضد المرأة) تهدف هذه الحملة إلى حث دعاة حقوق الإنسان رجالاً ونساءً بتنظيم اعمالهم ونشاطاتهم للتصدي لجميع أنواع العنف ضد المرأة وهذه الحملة موجهة للحكومات والمجتمعات المحلية والقطاعات ذات العلاقة بشؤون المرأة..

@@ ومن دراسة حول تقصي أشكال العنف التي تتعرض لها المرأة في عدد من الدول العربية (مصر واليمن والاردن وسوريا وفلسطين ولبنان) ورغم أن الدراسة ركزت على بعض أشكال العنف ضد المرأة - كما تراها الدراسة - مثل ختان الإناث في مصر، وظاهرتي الزواج المبكر والقتل على خلفية الشرف في جميع هذه الدول مع عدم إغفال الأشكال الاخرى للعنف التي تمارس في المجتمعات الاخرى كظاهرة ضرب الزوجات، فإن هذه الدراسة لم يتم التركيز فيها بشكل كبير على ما تتعرض له النساء من حالات اغتصاب في الحروب أو في مواقع العمل أوفي البيوت من قبل الذكور في العائلة مثلاً.. والأخطرهو اعتبار النساء دائماً ورقة ضغط في الحروب فيتم تعذيبهن واغتصابهن امام أقربائهن أو ازواجهن كي يمعنوا في تعذيب هؤلاء الرجال كما حدث ويحدث في العراق الآن وقبله في عدد من الأنظمة العسكرية التي تعذب الرجال والعسكريين المناوئين للأنظمة من خلال تعذيب النساء واغتصابهن!!.

وكما يتم تعريف العنف في معظم هذه الدراسات على أنه لا يعني فقط الاعتداء الجسدي أو المعنوي على شخص المرأة بل هو أيضاً أشكال السلوك الفردي والاجتماعي المباشر وغير المباشر الذي ينال من المرأة ويحط من قدرها ويمنعها من الحصول على حقوقها الشرعية بل ويسلبها هذه الحقوق عن طريق اذلالها أو ايذائها جسدياً أو لفظياً..

وكلما اتسعت دائرة تحديد هذا العنف وجدنا أن مساحة المتضررات من النساء من هذا العنف كبيرة وليست كما هي الآن محصورة فقط في إحصائيات (ضرب النساء)!!

@@ لن أتحدث عن النسب التي تورد في كل مقالة عن النساء المعرضات للعنف في أمريكا أو فرنسا أو سواهما من هذه المجتمعات المتقدمة مادياً ولكن المهم هو في قضايا مجتمعاتنا العربية والإسلامية وما تتعرض له النساء ويتكتم عليه المجتمع حتى أصبح ضرب الزوجات أو الاخوات أو البنات أمراً معتاداً!! وأصبحت بعض النساء تتقبله وكأنه جزء من منظومة الأسرة!!

فمن الذي غرس هذا في أرضية واقعنا الاجتماعي؟ هل هي الأنظمة التي لا تحاسب هذا الرجل؟! خصوصاً في ظل تضليل الأرقام الحقيقية للعنف في معظم مجتمعاتنا.. فنحن هنا مؤخراً أصبحنا نعلن هذه الحقائق ونتحدث عنها وتشكلت جمعية حماية الأسرة وأصبحت حالات (زنا المحارم) تجد مظلة أمنية وشرعية وصحية لمنعها ولانقاذ البنات اللائي يتعرضن لهذه القضايا الموغلة في الاجرام..

@@ ومعظم الدراسات أجمعت على أن اشكال العنف التي تتعرض لها النساء في معظم مجتمعاتنا العربية تتمثل في القتل العمد أو الشروع بالقتل وإلحاق الأذى الجسدي البالغ الذي قد يخلّف عاهات جسدية أو يحتاج إلى فترات طويلة من العلاج.. ثم الاغتصاب سواء الذي يحصل من قبل الغرباء أو من قبل أفراد الأسرة انفسهم!! وبخاصة تلك التي تتعرض لها الفتيات الصغيرات.. وأيضاً التهديد بالاستيلاء على ممتلكاتها وأموالها أو حرمانها من ممارسة شؤونها المالية أو اكمال تعليمها.. وما تتعرض له المرأة في فلسطين اضافات اخرى مرتبطة بالاحتلال الصهيوني فهي تعاني كما يعاني أفراد شعبها فتتعرض للضرب والاعتقال والتعذيب والاعاقة والابعاد والقتل وفقدان الأبناء والزوج ومصادرة ممتلكاتها وقتل أطفالها امام عينيها .. ناهيك عن سياسة التجويع المستمرة.. وفي العراق أيضاً رصدت هيئات حقوق الإنسان حوادث مرعبة تتعرض لها النساء العراقيات من اغتصاب واجهاض وقتل واهانات وتعذيب!!

إذن الحديث عن العنف ضد النساء كي تتحقق مواجهته بجدية على مستوى القوانين والهيئات الاجتماعية والتشريعية لا بد أن لا يكون (انتقائياً) وفق أجندة سياسية تغض الطرف عن عذابات النساء ووضعهن في فلسطين وعند المعابر وفي العراق، ولا تنادي الا بإيقاف حد الجلد على المرأة الزانية!! أو ايقاف الزواج المبكر ومنعه..

@@ فأين علماؤنا المسلمون قبل هذا اليوم العالمي الذي في الواقع لا نرفضه لأن فيه حماية للنساء من ظلم الحكومات والأنظمة وبالطبع الذكور؟

وأين هم الآن؟؟ لتفعيل ما تتتضمنه التشريعات الإسلامية في التطبيق حماية للنساء ثم للمجتمع من هذه الظاهرة المرعبة؟!