من يعيد قراءة الأحداث التي عصفت بعالمنا الإسلامي والعربي خلال ثلاثين عاماً، وابتداءً من زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس في 1977م ثم توقيع معاهدة كامب ديفيد في 1978م، ثم معاهدة السلام في 1979م بين مصر ودولة العدو الصهيوني، ثم اندلاع الثورة في إيران في فبراير 1979م وتلتها حادثة اغتيال أنور السادات في اكتوبر 1981م، وغزو جنوب لبنان واحتلال بيروت في 1982م وضرب المفاعل النووي العراقي في 1984م ثم معاهدة وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ثم اندلاع انتفاضة الحجارة في 1987م، والغزو العراقي للكويت في أواخر 1990م والتدخل الأمريكي لتحرير الكويت في 1991م. وكانت بالنسبة لقطاعات كبيرة منا المشهد الحقيقي المرعب وبدء التفتت في الصف العربي بين من كان مع الغزو ومن هو ضده بالطبع ، وانهيار المعسكر الشرقي ونهاية نظام القطبين في 1991م وتفرد الولايات المتحدة بالقرار العالمي وتطويع الأمم المتحدة لشرعية هذه القرارات ثم كان الاحتقان المتمثل في اندلاع انتفاضة الأقصى بعد زيارة شارون - الحي - الميت!! للمسجد الأقصى في عام 2000م، وما أحدثته هذه الانتفاضة من تجريف لكل مظاهر الاستسلام للأمر الواقع حتى بين صفوف الشباب في العالم العربي والإسلامي.
وبعدها بعام فقط كانت حادثة تفجيرات واشنطن ونيويورك والتبعات العسكرية التي حدثت بناء عليها وكان احتلال أفغانستان في عام 2001م ثم العراق في 20مارس 2003م.
.. هذه الحوادث التاريخية أحدثت شروخاً في الواقع الإسلامي والعربي وأحدثت تمزقات اجتماعية عديدة تمثلت في مشكلات اجتماعية دائماً ترتبط بالحروب مثل الهجرات الخارجية للسكان من موطنهم الأصلي إلى بلد مجاور كما هي الآن في أفغانستان والعراق ومن هاجر عاش ويعيش في مناخ مادي غير مستقر وأدى إلى تولد أخلاقيات غير مقبولة.
والحديث عن هذه الجوانب لا يلغي الحديث عن التدمير الذي عانت منه أفغانستان والعراق وكما يقول الرئيس السابق جيمي كارتر عن أبناء مجتمعه: (ان الأمريكيين يتفقون على مسائل مهمة عديدة وهي قيمة الدين في الحياة الفردية وقيمة المبادرة الشخصية على تحقيق الإمكانية الإنسانية والحاجة إلى حماية البيئة ولو كانت ذلك مكلفاً والارتياب في نزاهة الأعمال التجارية الكبيرة والرغبة في تطبيق القوانين الفيدرالية التي تتعلق بالفحش المنافي للآداب العامة) هذه السمات كما يراها كارتر لا نجدها تمثلت في الوجود الأمريكي سواء في العراق أو أفغانستان وكانت الصورة الحديثة للأمريكي القادم من الدولة التي تدير العالم هي في سجن أبوغريب ومعتقلات جوانتانامو وسواها من المواقف التي لم يتردد رامسفيلد في ترديد عبارات تجسدها حول اعتقال الأطفال!! ورفضه للسماح بإطلاق صفات أسرى على من يعتقلونهم في جوانتانامو وتطبق عليهم أسوأ نماذج التعذيب التي يشارك فيها حتى الأطباء!!
إذاً نحن أمام بانوراما مرعبة تعيشها مجتمعاتنا العربية وتحدث آثاراً عميقة الأثر نفسياً واجتماعياً وعقدياً فهل جميعنا على وعي تاريخي بآثارها المدمرة؟!
وهل استراتيجياتنا العربية والخليجية ترقى لمستوى الأبعاد السياسية وترجمتها إلى واقع اجتماعي يضم الأفراد جميعاً بكل شرائحهم.. حتى لا تتمزق هذه الذات بين الواقع واستحضار المستقبل في ظل التعاون الاجتماعي ومعاناة الطبقة الوسطى من الأوضاع الاقتصادية وبروز التناقضات في القيم التي غالباً تكون مواكبة لمراحل الحروب وما بعدها..
@@ ما أبحث عنه بصفتي مواطنة من هذا المجتمع أن نعيد النظر في أولويات استراتيجياتنا ولنأخذ مثالاً بسيطاً حول تجزئة إيجاد الحلول لقضايانا الاجتماعية فنفصل بين حلول مواجهة البطالة عن الفقر مثلاً.. ونعتقد أن خروج المرأة للعمل مدبرة منزل أو بائعة في معرض هو حل لمشكلاتنا التنموية، وهذه نظرة ذرية كما يقول المفكر مالك بن نبي أي من الذرة من التجزئة.. وأيضاً النداءات بضرورة أن نجتهد في مجتمعاتنا الخليجية أن تكون لدينا صناعة سينما!! فهل هذه أولويات التقدم؟!
@@ الأحداث المصيرية تعصف بالمنطقة وهذا يتطلب منا جميعاً أن ندرك هذا العمق.. ولنثق أكثر في الرؤى الحضارية التي يتحملها من يقود هذا المجتمع من ولاة الأمر؟
التعليقات