هناك ما يُطلق عليه التنشئة الراجعة في التربية والتي يقصد بها أن الآباء والأمهات الذين تعودوا على تربية أبنائهم وتعليمهم وتوعيتهم وغرس القيم الأخلاقية والدينية والمعايير وما يرتبط بها من سلوكيات بدأوا الآن وفي ظل المتغيرات المعاصرة وتأثيرات العولمة ورصيد التقنية والابتكارات العلمية المتتالية والمتسارعة يجدون أنهم أمام مرحلة جديدة لم يعرفوها ولم يتعودوا على التعامل مع مقتضياتها .. ولنأخذ على سبيل المثال استخدامات الإنترنت بفعالية بل واستخدامات الكمبيوتر وأجهزة الجوال وسواها والتي أصبحت الآن هي القاسم المشترك في التواصل ليس القطري فقط بل العالمي.. وأصبح الأبناء والأحفاد أحياناً يهتمون بتعليم الأبوين هذه التقنية، وهي حاجة مستجدة في النسيج الاجتماعي ولهذا يُطلق عليها (التنشئة الراجعة) ولكن مسارها ليس من الأبوين إلى الأبناء بل من الأبناء والأحفاد إلى الأبوين..
وكما يذكر الدكتور معن عمر أن هذه التنشئة الراجعة لا يتوقف ظهورها على المجال الأسري فقط بل يمتد ليشمل المدرسة والجامعة والمستشفى ودوائر الدولة..
وهذا يعني تغييراً في موازين القوى التنظيمية يؤدي فيما بعد إلى تفكك في بنية الجماعات والتنظيمات الاجتماعية.. وهذا يبدو واضحاً في مجتمعنا كما هو في أي مجتمع خليجي خرج من تحت الخيمة منذ أقل من مائة عام وحدثت فيه تغيرات مادية كبيرة وواسعة لم تتوازن معها معدلات التقبل الثقافي على مستوى الاستيعاب والسلوك والتعامل مع هذه المتغيرات الثقافية المادية.. ولهذا نجد أن هناك مشكلات جديدة في أنواعها وعمقها لم تكن ضمن سلم المشكلات سابقاً سواء على مستوى إساءة استخدام الإنترنت أو الجوال أو الكاميرات المستخدمة في مراقبة بعض المواقع في البنوك والمستشفيات والمراكز التجارية..
وإذا كان التقبل سلوكياً قد يظهر في شرائح اجتماعية معينة دون غيرها ومستوى اقتصادي دون غيره فإننا نجده واضحاً في أسلوب الحوار والتعامل بين هذه الشرائح المختلفة ثقافياً واقتصادياً رغم أنهم ينضوون تحت مظلة القيم الدينية والتشريع الرباني الواحد..
ومن يراقب هذه المتغيرات الاجتماعية والثقافية التي تتناقض - أحياناً - مع المستوى المعرفي لجميع أفراد مجتمعنا حتى نوعية العمالة القادمة من الدول الفقيرة وجهلهم باستخدامات التقنية ومنها على سبيل المثال الأدوات الكهربائية في المنازل من قبل بعض هؤلاء العمالة.. هذا النسيج الاجتماعي المختلف ثقافياً ولغوياً واقتصادياً وبالطبع تعليمياً.. من يراقب كيفية التعامل مع النماذج الجديدة من قبل الإدارات مثلاً في المستشفيات، سيجد هناك (معضلة اللغة) فجميع التقارير والفواتير وكافة المستندات باللغة الإنجليزية!! وكما يقولون هي لغة العولمة وهذا صحيح.. ولكن في مجتمعنا الذي لا يتقن اللغة الإنجليزية فيه سوى نسبة قليلة فما هو نوع التنشئة الراجعة لحل هذه الفجوة؟!
في (جميع دول العالم) الأولويات للغة الأم ونحن هنا نتدافع لتحويل مجتمعنا إلى متحدث باللغة الإنجليزية ونضعها في أولويات شروط التوظيف!!
هذا جانب.. وهناك جانب آخر قد يذهل المراقب لتحولات مجتمعنا وهي ترديد شعار المدينة الإلكترونية وهناك مساحات في القرى والهجر بل وبعض أطراف المدن الكبرى تفتقد وصول الكهرباء ونجد الأخبار التي تنشر في الصحف تنقل شكر وتقدير أهالي قرية س لتبرع ثري بتزويدهم بمولد للكهرباء!!
فكم هي كبيرة الفجوة بين طموحات (المدينة الإلكترونية) والواقع الذي تعيشه نسبة كبيرة من أفراد المجتمع!! ولا ننسى أن هناك معضلة الفقر الذي تجتهد قطاعات الدولة لمحاربته ولكنه لا يزال منتشراً بل هناك تآكل اقتصادي لمن يمثلون الطبقة المتوسطة نتيجة انهيار سوق الأسهم، وارتفاع مستوى الأسعار الذي لا ضابط له!!
@@ هذه النماذج من الوهن التنظيمي لن تجد الحلول في استراتيجيات مؤقتة أو حلول مجتزأة نجدها تتمثل في الإعلان عن مشاريع صغيرة في ظاهرها حلول للشباب الباحث عن الوظيفة ولكنها في واقعها هناك قروض يفترض أن يسددها.. والمنافسة في السوق ليست في صالحه!!
نموذج آخر من الوهن التنظيمي يتمثل في هذه الانتقادات المستمرة لمظاهر التدين في المجتمع من قبل الصحافة في الغرب والبعض منها في مجتمعاتنا الخليجية.. واتهامها بأنها السبب الحقيقي للمشكلات المتعددة!! وكأن هؤلاء يعتقدون أن الانسلاخ من هذه المظاهر قد ينقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة.. ينسون أن تجارب معظم المجتمعات كانت نقيضاً لهذا.. وربما ما حدث في ثقافة الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا كما يراه وليم أوجبرن في تحليله للتغيرات الثقافية التي واكبت قدوم (الرجل الأبيض) إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في بداية اكتشافها لها جالباً معه استخدام البندقية والحصان الأمر الذي أدى إلى تغير في نمط الإنتاج الغذائي للهنود الحمر وحتى بدّل في طريقة حروبهم في حين لم تغير الديانة المسيحية القادمة مع هذا الرجل الأبيض الهارب من تسلط الكنيسة في أوروبا، شيئاً في حياة هؤلاء الهنود الحمر خير مثال ..
ذلك أن المساس بالمستوى العقدي لن يُحدث سوى المزيد من الوهن التنظيمي بل والمجتمعي..
1
بدر ابا العلا
2007-11-18 17:42:29يا أستاذتي الفاضله...؟ مقالك بحر...؟ فيه قمة عظم خلق الله فيه..تغير...؟ فقط أنسان الارض..؟هو فارس القذورات وخارب البيئه...؟ البحر يشكو من الانسان..؟ فكيف الارض وحالها..؟ وأقصد بليابسه..؟ حتى الفضاء لم يخرج من الحال..؟ بحسان حال..؟من ذلك الانسان..؟ أعطيني تعليم وتثقيف و صحه وخدمه...؟ ( وتوظيف )..؟!!! وقبلها فكر ديني وسطي متقارب مع ألية التطوير والابداع والتعاون ومنصة راى وتحاور مع راى وتخاط وصقل راى وأحترام جنس ولون ( وعالم أمرأة خال من بيع ذمم وقتل طموح أنسانه ) و وعتبات سلم الى قمة تصنيع أخلاق وأمانات وقيادات..؟ تجدين الحياة وبيئتها منتجه وخاليه من فايرس المنغيرات...؟ نحن نعلم ان المتغيرات شي طبيعي وملموس..؟ بس لدينا مفاسد ودور وهال في فن تدوير وصقل موهبة المتغيرات من المتغيرات...؟ سوف نجد أنفسنا يومآ ما نطالب بسبوع المتغيرات..؟ أسبوع رديف مع مهالك الارواح أسبوع المرور..؟او بصريح العباره أسبوع موت المعلمات...؟ يا د/ لك في مقالك مأرب أخى...؟ وهذا حق واقل من قلمك الجميل والمميز دومآ وخاصه عندما يصدح حرفه وأحباره..؟ على صفحات جريدة الرياض من على منصه الحق وكفاء..؟انتي قلتي وقولك الصواب..؟ فقط حبيت ازيدك ليس كلمه..؟ فقط..؟همسه للجميع...؟ وقولها بكل جرائه.؟ المصداقيه والتعامل والامانه...؟ صاروخ عابر ومفجر لكل المتغيرات...؟ وراس مالنا يا معشر هذه البلاد...؟ كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام...؟ قول وعمل...؟ وليس كتابة تعريف.( مسلم )..؟
2
ابوعبدالله الخالدي-الجوف
2007-11-18 17:22:56اشكر الدكتورة على تنوير المجتمع وتثقيف الامة وتحذيرها من التغريب. ومهما حاولوا لن ينجحوا ولكن المشكلة من الداخل الافكار السامة الذي تجعلنا نحن الوحيدون المتخلفون وبما ان هناك دول معاصرة ومتطورة بل من الدول الصناعية مثل اليابان والمانيا والصين وقد يأتي يوماً ونرى الهند مع وجود التخلف الديني لديهم ومع ذالك لم يحاولوا تغير القيم والعادات واهتمامهم بلغتهم. ولكن يبقى لدينا من يدعون انهم مفكرين وهم بالحقيقة مفككين للقيم الاسلامية والعربية الاصيلة ومحاولة جر الامة الى الهاوية وليس ان فهمهم خطاء بل هو مخطط له وهومحاربة الدين الاسلامي وعن تعمد وهم المنافقين يدعون ان دينهم الاسلام ويقومون بالتشكيك في الدين وجعل التهم على من يلتزم بالسلوك الاسلامي.
3
عبدالله بن خالد القحطاني
2007-11-18 15:18:44جزاك الله خير الجزاء _ يادكتورة/ نورة _ على ماتقدمينه من موضوعات واقعية وهادفة ومستنيرة، تشع بالإيمان، وتشرق باليقين ؛ فتلامس شغاف القلوب..
4
جامعيه
2007-11-18 11:08:36هناك متغيرات وانفتاح كبير يحدث في الآونه الآخيره ذكرتي أهمها وتطرقتي إليها من افضل الآبواب كعادتك استاذتي.
كذكرك بداية الانترنت والجوال وكيف كانت ردة فعل المجتمع مع هذه التقنيه
وعند ذكرك اللغة شرطا أساسيا عند التوظيف وهي لم تدرس إلى من المرحله المتوسطه أي في عمر 13 سنه ولمدة ست سنوات وبنفس المنهج وبطريقه القائيه بحته.إن لم تنجو بنفسك وتطورها لغويا خارج إطار المدرسه فلن تقبل في الوظيفه التي تطمح بها.
أما بالنسبه للمدينة الالكترونيه فعند النظر الى انقطاع الكهرباء عن قريه بأكملها لمدة اسبوعين وتعلطت جميع الموارد والمستشفيات , وعند دخولي للجامعه عند موظفة القبول والتسجيل ورؤيتها تبحث عن اسمي في سجلات ورقيه في عام 2004 تعلو على محياي علامات التعجب..!
الدكتور نوره جزاك الله خير وبارك الله فيك وأعانك على الخير فأنت أهم ناقله لهمومنا كمجتمع
تحياتي