عندما نريد أن نستعرض بعضاً من عادات الشعوب في تربية أطفالهم نجد فيها بعضاً من المفارقات الشاسعة والمختلفة.

فمثلاً في الغرب نجد الطفل يشترك في تعليمه وتوجيهه أكثر من يد..

لأن المدرسة لا تكفي، والبيت وحده لا يقوم بكل هذه المهمة، لأن هذا الطفل قد اجتمعت عوامل عديدة على صبغه بهذه الصبغة الغريبة وهو لا يزال غضاً سهل التكيف..

فالطفل الغربي كالرجل له شخصيته المستقلة، يلقن منذ صغره بان له رأيه وتفكيره وله وجهة نظره يلقن بأنه طفل من أروع الأطفال في العالم.

ولو تمعنا ذلك الطفل لوجدنا ان البرود متمثل في هذا الطفل، ولا سيما إذا حاولت اثارة استطلاعه قصداً، فلا تراه ذلك الثائر المتوتر الأعصاب الذي يصرخ ويكسر ما حوله، ولو سألنا لماذا؟ لكان الجواب انه مدرب على أن يكبت انفعالاته، ويدوس عليها.

فالطفل الغربي يلقن منذ الصغر بأن له تاريخاً، ولذلك يعلم مواضع العظمة في هذا التاريخ الذي سجله الأبطال من أجداده في القصص.. وداخل كتبه الخاصة وفي الروايات التي يمثلها في المدرسة فهو يسمع من أمه وأبيه ومن اخوانه ومن المعلمين عن هذا التاريخ العظيم، يسمع من أمه وأبيه ومن اخوانه ومن المعلمين عن ان هذا التاريخ له تأثير في تكوين المثل الأعلى للطفل، التاريخ القوي الذي يفخر بأسماء الأبطال والعظماء الذين قادوا بلادهم الى النصر أو الى الرقي.

ـ في الغرب نجد التربية ليس فيها الصرامة والشدة التي نعرفها نحن والتي تذيب في روح وعقل الطفل نعمة الحرية في القوة والعقل، والتي تجعل علاقته بوالديه مبنية على الخوف لا على الحب ونجعل شخصيته ضعيفة جدا ولا يصارح أبويه بما يحدث له بعكس ذلك الطفل الذي يصارحك بكل شيء ويقابلك ولو كنت غريباً عنه بكل ثقة وطمأنينة، بل نجد أن والديه يدفعانه اليك إذا كنت زائراً وهو لا يتوانى عن أن يسألك ويستجوبك ويبدي ملاحظته لك، إذا وجد في كلامك ما يدعو إلى مثل هذه الملاحظة، حتى ولو كانت صارمة بعض الشيء حيث انه متعلم الذوق والتأدب في المعاملة والحديث مع كل الذين من حوله.

يقول الشاعر "وينشأ ناشئ الفتيان منا.. على ما كان عوده أبوه".