سطور من كتاب الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر وعنوانه (قيمنا المعرضة للخطر) توقفت عندها كثيراً ..تحدث فيها عن قضايا حيوية متعددة الأبعاد ومنها الدور التعاوني الذي تقدمه دولته للشعوب الفقيرة المحتاجة!! فمن مقارنته لمتوسط الدخل للأسر المتوسطة في الولايات المتحدة الامريكية الذي يبلغ حوالي خمسة وخمسين ألف دولار في السنة وما يقابلها - كما يقول - أن أكثر من نصف السكان في العالم يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، وأن 1.2بليون نسمة من الناس يجب عليهم أن يبقوا على قيد الحياة على نصف هذا المبلغ!!

وكما ذكر أنه مع بداية عام 2000م تحدث عن أكبر تحد للعالم في الألفية الجديدة وهو الصراع المتزايد بين الأغنياء والفقراء من سكان العالم فليس هناك عدم مساواة كبيرة بين الطرفين فقط، بل إن الفجوة بينهما تتسع توسعاً مطرداً، فمثلاً في بداية القرن العشرين كانت البلاد العشرة التي تعتبر أغنى الأمم أكثر ثراءً بتسع مرات من البلاد العشرة التي تعتبر أفقر الأمم وفي عام 1960م كانت النسبة 30: 1وفي بداية القرن الواحد والعشرين كان متوسط دخل الفرد في أغنى عشرين دولة هو 27.591دولاراً، وكان في أفقر الدول 211دولاراً، بنسبة 131:

1.@@ثم كان استعراضه لمستويات الفقر في معظم الدول الفقيرة جداً في مختلف دول العالم التي افتتح فيها فروعاً لمركزه الذي يقدم خدمات متنوعة صحية وزراعية واجتماعية ومشاريع متعددة لتحسين مستواهم والقضاء على الأوبئة الصحية التي تنتشر في بعض هذه الدول ومنها دول أفريقية..

@@ ومن النقاط المهمة التي ناقشها كارتر بمصداقية تتعلق بآلية دولته في تقديم المساعدات الاجنبية للدول الفقيرة ويرى أنها ضئيلة مقارنة بثروة دولته وبمستوى الاحتياج الحقيقي في هذه الدول التي تعاني مساحات كبيرة من سكانها من الفقر والمرض خصوصاً أنها ليست ضئيلة فقط بل مشروطة بقيود سياسية وعسكرية!!.

وكما يقول في عباراته: (مشاركة الثروة مع أولئك الذين يتضورون جوعاً ويعانون معاناة لا ضرورة لها هي قيمة تقاس بها القيم الأخلاقية للأمة، وهناك موقف غريب ومثير للانزعاج نوعاً ما في بلادنا فالأمريكيون راغبون في أن يكونوا كرماء في مساعدة الآخرين، وهم يعتقدون أن حكومتنا تعطي ما يصل إلى 15% من ميزانيتنا الفيدرالية على شكل اعانة أجنبية ولكننا في الحقيقة أبخل أمة من الأمم الصناعية كلها إننا نخصص حوالي واحد من ثلاثين من القدر الذي يعتقد أنه مخصص بشكل عام.. فدخلنا القومي الاجمالي حوالي 11تريليون دولار ونتقاسم منها مع الأمم الفقيرة ستة عشر سنتاً من كل مائة دولار من الدخل القومي)!!.

ومن الحقائق التي ذكرها ما يوضح ان الميزانية التي تصرف للعون الخارجي من أجل مكافحة الملاريا على سبيل المثال وهي تسعون مليون دولار فإن 95% من هذه المعونة يصرف على الاستشاريين، وأقل من 5% يصرف على الأدوية ورش المبيدات الحشرية والناموسيات!!.

وهناك الكثير من القضايا المهمة والمعاصرة التي تتبناها الآن الولايات المتحدة الامريكية منذ أحداث سبتمبر 2001م والمتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان وفق استراتيجية مكافحة الإرهاب وكيف أفقدت سلّم القيم الامريكية عدداً كبيراً منها مما ألحق الضرر بسمعة أمريكا، فالخوف من الهجمات الإرهابية كان مظلة لانتهاك حقوق من تم اعتقالهم وسجنهم في معتقل غوانتانامو وتعذيبهم المنهجي وعدم اطلاق سراحهم وانتهاك القواعد الأخلاقية للتحقيق بل واستخدام التعذيب حتى مع الأطفال الذين تم اعتقالهم وسجنهم!!

كما كان هناك الكثيرمن الصفحات التي شرح فيها كارتر هذه المآسي التي ارتكبت بحق الأبرياء مما شوه وجه أمريكا وأنهك قيمها التي يفترض أنها تحارب لأجلها!!.

@@ ربما استقالة كارين هيوز مؤخراً من منصبها بصفتها مسؤولة عن تحسين صورة أمريكا في العالم تؤكد بعضاً من هذه القيم التي غابت من سلم قيم دولتهم فكما تقول هيوز: "إن تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم يمثل تحدياً طويل، الأمد ويحتاج عدة سنوات لتحقيقه، وأضافت: إن الحرب في العراق كانت القضية الثانية التي كان يثيرها العرب والمسلمون معها بعد القضية الاولى وهي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي"!!.