الشاعر الأديب الموهوب الموسيقار عبدالله بن فرج المسعري الدوسري رحمه الله اسم خالد في تاريخ الشعر الشعبي في الجزيرة العربية والخليج هذا الشاعر الذي نقش اسمه في عالم الأدب الشعبي والفن الخليجي والكويتي بالأخص فهو أحد رواد منطقة الخليج أدباً وشعراً فمن هو الشاعر ابن فرج؟
@ ميلاده ونشأته..
هو عبدالله بن محمد بن فرج بن عبدالرحمن بن فرج بن سليمان بن طوق المسعري الدوسري هكذا ذكر نسبه ابن عمه الأديب المؤرخ خالد الفرج ت 1374ه رحمه الله في مقدمة الديوان.
ولد سنة 1251ه بالكويت ورحل مع أبيه إلى الهند وكان أبوه من تجار الكويت وكذلك جدة فالأسرة أسرة ذات ثراء أن الشاعر عبدالله لم تكن لديه هذه الميول للتجارة كما هو الشأن في أبيه وجده، نشأ شاعرنا عبدالله في الهند مع أبيه وكانت بيئته التي عاش فيها طابعها الترفيه والرخاء ورغد العيش وحيث أن عبدالله كان وحيد أبيه فانصب أبوه عليه وأغدق بكل ما يريد ويتمنى تعلم في الهند اللغة الأردية مع إتقان اللغة العربية حيث درسه هناك أساتذة مختصون.
عاش عبدالله الفرج في الهند صباه وشبابه حيث رأى وعاصر وعايش الثقافة الهندية فأصبح بذلك متوسع المدارك بالثقافة العربية والهندية لأنه يتقن الأردية ولذلك تأثر الفرج بموسيقي الهند يقول: الأستاذ خالد الفرج رحمه الله نشأ الشاعر "أي عبدالله بن فرج" في الهند فتأثر بموسيقاها إلى حد كبير لأنه تعلمها على أساتذة الموسيقي هناك ورأيت في مخلفاته كتباً للألحان مكتوبة بالنوته وعليها تعليقات بخطه مما يدل على تضلعه في هذا الفن ذكر ذلك في مقدمه الديوان. ومن مواهب عبدالله الفرج رحمه الله الرسم والتصوير وكان رحمه الله خطاطاً في غاية الجودة بالقلم الفارسي والخط العربي.
وفي عام 1270ه توفي أبوه الشيخ محمد بن فرج بالهند وترك له أبوه ثروة هائلة وهو الوريث الوحيد لهذا وكما قلت أن شاعرنا لم يكن من العقول التجارية وتفكيره لم يكن للتجارة بل للأدب والشعر والغناء وكان عمره ثمانية عشر سنة عندما توفي أبوه.
@ شعره: أحسن صنعاً المؤرخ الأديب خالد الفرج ابن عم شاعرنا فجمع شتات شعر عبدالله الذي كاد أن يضيع فقام سنة 1338ه بطباعة الديوان في الهند وهي الطبعة الأولى ويعد هذا التاريخ قديماً جداً إذ أن المطبوع هذا من أوائل المطبوعات في الأدب الشعبي.
أما شعر عبدالله بن فرج رحمه الله فهو شعر جيد ورقيق وغير متكلف وسلس الألفاظ وسهل الحفظ ومترابط الأفكار منتقياً كلماته ومفرداته.
قال عنه: الأستاذ ابراهيم الخالدي شاعر فنان له أثر كبير في مسيرة الأدب والفن في الكويت وذكر الأستاذ على الدورة في كتابة تحت ظلال الشراع أن الشاعر عبدالله الفرج يلقب بمحيي الهوى.
فهو إذاً يعد من فحول شعراء عصره لايقل مكانة عن الشاعر الشهير ابن لعبون مع العلم أن ابن فرج تأثر بمدرسة ابن لعبون الشعرية ومدرسة محسن الهزاني وقرأ لهما كما أنه قرأ كثيراً من دواوين الأدب القديمة ولذلك نجد أن الصفحة ظاهرة في قصائده وحينما تقلب صفحات ديوانه نجد أن الشاعر ابن فرج قد قرض القصيد في أغلب حروف الهجاء وهذا من براعة الشاعر لأن هناك قوافي عسيرة على الشعراء لكنه من تمكنه وغوصه في الشعر استطاع أن ينظم قصائد على قافية الذال وقافية الزاي وقافية الشين وغيرها من القوافي العسرة ولنأخذ من نماذج شعره فها هي قصيدته على الشين.
يقول:
يا على وأن نابك من أمر النوى شي
عنز على مولى السحاب النواشي
فإن كان ماتقوى الغرا عن ظبا الحي
بع بالهفا نفسك بسوق النواشي
وكذلك من القوافي العسرة التي طرقها الفرج رحمه الله قافية الصاد يقول:
صادف نباك اللي لف اليوم ناصي
صراف قاف يا محمد وبخاص
صحيح ما أنت بيا الحصيني مقاصي
صاحبك لكن وهقك كل عراص
والصحيني هذا صديق للفرج.
قصائد وأشعار الفرج كثيرة ومتنوعة وإنتاجه غزير جداً.
الأيام الأخيرة في حياة الفرج
بعد حياة طويلة ومديدة حافلة بالغناء والأنس والغزل والترف والبذخ والدعة وقد نتج عن هذا كله أن بدد الفرج جميع ثروته كلها حيث يعطي حساب وبدون حساب وهو لا يستطيع أن يرد سائلاً أو صديقاً طلب منه مالاً فلفظه لا ليست موجودة في قاموس عبدالله الفرج رحمه الله وحينما أحس بدنو الأجل وقرب المنية جاشت نفسه بقصائد تدل على الندم على ما مضى من شبابه وما فرط فيه ساعات ذهبت سدى بدون أن يستثمرها في طاعة الله عزوجل ولاشك أن كلمات وزفرات وأنين خرجت من قلب الفرج في أخر لحظات حياته يقول الفرج وهي التوبة:
دع صريع الغواني على ماعزم
يفعل اللي يشا جاهل ما علم
ويتمسك بحبل الهوى ذا الذي
كل من به تمسك أراه أنصرم
ثم يسترسل الفرج رحمه الله في ذكر غفلته في شبابه وسهولته ولهوه وانصياعه لهوى نفسه وملذاتها وشهواتها قائلاً:
ما أظن في سبيل الهوى لك شبيه
مشتهر بالمعاصي سواة العلم
وأن دعتك البطالة سمعت الندا
وأن دعتك الهدأية تقل بك صمم
ما أنت ياعبدالله مطيع ولا
سامع للنصايح من أخو وعم
ثم يعزم الفرج على التوبة من كل ما مضى ويندم على ما سلف من تقصير وزلل وهفوات وخطايا:
قم تدراك بقي العمر بالتقى
ما ترى الشيب خطه براسك رسم
حسن الذي تبقى عسى يافتي
يعفي الله عن اللي مضى لك وهم
وأخلص التوبة إلى نويت بعزم
مايط عنك ثوب الكسل بالهمم
قاصد الواحد اللي فلا خاب
من له قصد راجياً من نداء الكرم
غافر الذنب كله وماهي الخطا
لوذنوبك بها عد قطر الديم
ثم يختم توبته بسؤال الله الغفران والرحمة وأن يعفو ويصفح قائلاً:
يا الهي تفضل على بالعفو
وأرحم اللي فلا أحد لحاله رحم
وأدرك برحمتك من عراك بجسم
ما بقا يه من الخوف ودم
مذنب وأنت أعلم بحال الذي
قام يدعوك التوبة اللي نظم
توبة للذي لم يزل يا إله
وحسن الظن بك يا جزيل النعم
أبيات خرجت من قلب تائب نادم مقر بذنبه ألتجى إلى ربه وعلم يقيناً أن الله يقبل توبة التائبين ويغفر زلات المذنبين وكأن الفرج أحس أن أيامه في هذه الدنيا محدودة وقصيرة فالتجأ إلى الله عزوجل بأن يرحمه وأن ذنوبي وجرمي لو كانت عظيمة فعفوك الله ورحمتك أعظم.
التعليقات