التحقيق الصحفي الذي نشر في صحيفة "الرياض" يوم الجمعة 16رمضان الحالي عن التحرش الجنسي والمضايقات التي تتعرض لها النساء طالبات الوظائف هو ناقوس يدق لتوعية المجتمع بحقائق واكبت خروج المرأة للعمل والبحث عن وظيفة من قبل المديرين!! فبعضهم كما ذكر من قبل بعض من تحدثن عن تجاربهن المذهلة مع هذه النماذج من الذكور!! فهناك الذي يطلب زواج المسيار كي تتحقق الوظيفة!!، والذي يبحث عن علاقات غير شرعية وسيلة لتوفير الوظائف!! والبعض الذي يستثمر ذل الحاجة كي يقدم الطعم لصيد الفريسة!! بأي وسيلة!! والبعض منهن ذكرن أن بعض مديري المستوصفات قام عملياً بالتحرش الجنسي جسدياً معهن!!

فأين نحن من هذه الرذائل التي تمارس من قبل هؤلاء عديمي الضمير الذين يثقون أن النساء عموماً لن يتقدمن بأي شكوى ضدهم خوفاً من الفضيحة أولاً ولعدم إثبات هذه التحرشات!!

أما التي اضطرت منهن للعمل خادمة بالساعة فقد تعرضت لمحاولات اعتداء جنسي عليها!!

التحرش الجنسي تتعرض له المرأة الموظفة وخصوصاً من تعمل في محيط مختلط وهذه حقيقة اجتماعية في جميع المجتمعات سواء أطلق على هذه المصائب لا معيارية أو ضعف الضبط الاجتماعي أو انعدام الضمير أو أي وصف يليق بنذالة الطرف الأقوى مالياً ومكانياً فهي حقيقة تتصادم مع الواقع المعياري الديني والثقافي الذي وضع حدوداً واضحة لآلية العلاقة بين الرجل الأجنبي عن المرأة.. ومحرمات سلوكية لا ينبغي تجاوزها ثم نشتكي من نتائجها!! أو نهاجم من يظهر الخلل فيها بل ويتهم بأنه ينظر إلى المرأة أنها جنس متحرك وليست إنساناً!! فما هي أقوالهم الآن أمام حقائق هذا التحقيق المتميز الذي نشر؟! هذا مع الحرص المستمر على المحافظة على التعاليم الشرعية!! نحن الآن أمام بشاعة هذا الواقع الذي تميز بالتغير السريع وتفاقم الاحتياج الاقتصادي مما دفع النساء خصوصاً للبحث عن عمل يكون باباً للرزق وليس ترفاً أو كماليات.. وهذا هو المؤشر الأهم الذي يفرض علينا أن نتساءل أين دور مؤسسات الدولة في الضمان كي تحمي هؤلاء النساء من دوامة البحث عن عمل كي تصرف على والدها كبير السن!! أين هو التكافل الاجتماعي؟! إذا رفضنا تقديم الدعم المالي للشاب العاطل كي لا يتعود الاتكالية فكيف نسمح لمؤسساتنا الاجتماعية أن لا تتخذ موقفاً مغايراً فيما يتعلق بالنساء خصوصاً وأن التآكل هنا هو القاعدة الثقافية المستمدة من التشريع الرباني للرعاية المؤسساتية فإذا غابت هذه القاعدة التي هي أساس أي تغير في أي مجتمع حدثت المشكلة الاجتماعية وهذا ما أوضحته حقائق ذكرت في التحقيق الصحفي المنشور. والتي عايشنا أمثالها أثناء لقاءاتنا مع الأسر الفقيرة مؤخراً أثناء تنفيذ دراسة ميدانية عن الفقر فقد ذكرت العديد من النساء خصوصاً صغيرات السن عن هذه التحرشات!!

@@ حلولنا لهذه المشكلة لا ينبغي أن تنطلق من مقولة "التحرش الجنسي ظاهرة عالمية" رغم أن هذه هي الحقيقة ولكن الاتكاء عليه سيبعدنا عن إيجاد حلول جذرية مستمدة من التشريع الرباني الذي هو مرجعية نظامنا الأخلاقي والوظيفي والاجتماعي، وليس الظاهرة المجتمعية للتحرش.

الادعاء بأن اختلاط الرجال بالنساء في مواقع العمل هو بوابة التعود والاندماج في التنمية ليس صحيحاً بل هو شرعياً مخالفة للأنساق الثقافية والمعيارية فالرجل هو الرجل لن يتغير ويتحول إلى ملاك في وجود النساء حوله موظفات أو مرؤوسات !!وما ذكر في التحقيق الصحفي هو صفحة واحدة من صفحات عديدة مسكوت عنها..!! ومتحدث عنها في المجتمعات الأخرى التي تبلغ المعاناة فيها درجة كبيرة مما حقق مؤخراً لهن القصاص من المتحرشين جنسياً!!

الاحتياج للوظيفة لا ينبغي أن يكون وسيلة اعتداء على النساء جسدياً أو معنوياً ومخالفات شرعية بل لا بد من جمعيات حقوق الإنسان ومؤسسات الدولة الرسمية المنوط بها تحمل مسؤولية التنسيق أو التوظيف أن يكون لها دور فاعل ولوائح وأنظمة لا لتعمق الاختلاط بل لمنعه ومعاقبة كل مدير أو مسؤول يستخدم مكانته وسلطته ويستفيد من حاجات النساء للوظائف!! لا بد من فتح قنوات تنموية سليمة لسد احتياجات النساء أولاً، وفتح قنوات شرعية لحمايتهن من ضعاف النفوس ثانياً.

@@ من يكسر قاعدة شرعية لا يحصد سوى المزيد من المعاناة والخلل الاجتماعي.

وما هو مطلوب من النساء اللاتي وصلن إلى عضوية مجالس إدارات الغرف التجارية هو حماية بنات جنسهن من هذا الوباء لكي تتحقق الفائدة من هذه العضوية ولا تصبح بريقاً إعلامياً فقط!!