نقرأ أحياناً أو نسمع من يقول أن أنظمة الخدمة المدنية قديمة ومعقدة، وغير متطورة، وإذا سألته عن موقع ذلك التجميد أو التعقيد أو غير المتطور في الأنظمة تجده أحياناً ينطلق من مصلحة وظيفية خاصة له لم تتحقق لتعارض مصلحته عن القاعدة النظامية التي تعالجها، وأحياناً تراه يطالب بزيادة المزايا المادية الموجودة بالأنظمة أو تفاجأ بأن ليس لديه أجابة على سؤالك.
وهذه المقولة التي يطلقها البعض عن تأخر الأنظمة وعدم تطورها واتسامها بالتعقيد ليست جدية بل لها جذور قديمة، ويمكن أن يكون في تلك المقولة في جذورها القديمة بعض الصحة عندما كانت بلادنا في بداياتها الإدارية والتنموية في الخمسينيات حتى الثمانينيات الهجرية، حيث كانت الأنظمة الوظيفية في بعض أجزاء منها مستقاة من غير البيئة الاجتماعية بحكم الاعتماد على الخبرات غير الوطنية في وضع تلك الأنظمة وذلك لقلة المؤهلين في مجال الأنظمة من السعوديين في ذلك الوقت إضافة إلى الضعف العام لمستوى الأنظمة في منطقتنا الإقليمية آنذاك.
إلا أنه على أثر الجهود التي بذلت منذ سنة 1379هـ عندما استقدمت المملكة خبراء من البنك الدولي للإنشاء والتعمير ومؤسسة فورد الأمريكية لدراسة الأوضاع الاقتصادية والإدارية، فقد بدأ حال الأنظمة والإدارة يتغير في بلادنا نحو الأفضل والتطور فقد أوصت بعثة البنك الدولي المشار إليه بإنشاء جهاز مركزي للتخطيط وتطوير الفاعلية الإدارية بإعادة تنظيم الجهاز الإداري للدولة، وإنشاء معهد الإدارة العامة، وإرسال بعثات لخارج المملكة للتخصص في مجال الإدارة.
وأما مؤسسة فورد فقد أوصت بتركيز عمليات شؤون الموظفين في جهاز واحد وهو (ديوان الموظفين العام) وزارة الخدمة المدنية حالياً، وإعداد نظام جديد للموظفين وتبسيط إجراءات وطرق العمل وإنشاء إدارة مركزية للتنظيم والإدارة ووحدات مماثلة في الأجهزة الحكومية واقتراح نظام جديد للميزانية والحسابات ونظام آخر للاجراءات الحسابية، وتطوير البرامج التدريبية التي يقدمها معهد الإدارة العامة، وتطوير ديوان المراقبة العامة.
إذاً فإن الوضع الإداري والتنظيمي في المملكة بعد هذه الدراسات تغير للأفضل، فقد تم تنفيذ الكثير من التوصيات (سالفة الذكر) ومنها صدور نظام الموظفين العام ولوائحه التنفيذية في سنة 1391هـ حيث يعتبر هذا النظام ولوائحه التنفيذية اللذين صدرا من واقع البيئة السعودية بداية الانطلاق نحو التطور والتحديث في أنظمة الموظفين في المملكة لما تضمنه من مبادئ حديثة وأفكار جديدة منها:
اعتباره الجدارة هي الأساس في شغل الوظائف العامة.
مطالبته بتصنيف الوظائف حيث بدأ في ظل هذا النظام التصنيف الحقيقي للوظائف فقد تم تقسيم الوظائف العامة إلى ست مجموعات وتقسيم كل مجموعة إلى العديد من المجموعات النوعية ومجموعات الفئات.
إسناد مهمة التوظيف لديوان الموظفين (وزارة الخدمة المدنية) من أجل توحيد الإجراءات وضمان الحيدة والنزاهة.
وضع قواعد جديدة لترقية الموظفين وتكليف وزارة الخدمة المدنية بالمشاركة في اجراءات الترقية.
إقرار العديد من المزايا المادية من بدلات ومكافآت وتعويضات مما لم يرد في الأنظمة السابقة.
تسهيل موضوع تمتع الموظف بإجازته وحثه على ذلك للفائدة التي تعود عليه وعلى جهة عمله من ذلك.
وفي سنة 1397هـ حدثت نقلة تطويرية أخرى في مجال الأنظمة والموظفين والأجهزة ذات العلاقة حيث تم استحداث مجلس الخدمة المدنية وصدور العديد من الأنظمة واللوائح الجديدة المتعلقة بحقوق وواجبات الموظفين ومنها نظام الخدمة المدنية ولائحة منسوبي الجامعات ولائحة الوظائف التعليمية ولائحة الوظائف الصحية. وإضافة لذلك فلقد قام مجلس الخدمة المدنية بإجراء العديد من التعديلات عليها بهدف إعطائها المزيد من التطوير أو إلغاء ما قد ورد فيها من سلبيات، فقد أصدر المجلس منذ إنشائه في سنة 1397هـ حتى تاريخه ما يزيد على (2000) قرار الغالبية منها يتسم بالطابع التنظيمي التي لا تتسع مساحة هذا المقال لذكرها، إضافة إلى ورودها في مطبوعات أمانة المجلس ومجموعات الانظمة التي تصدرها وزارة الخدمة المدنية والمعممة على الأجهزة الحكومية.
فهل بعد كل ذلك توصف الأنظمة الوظيفية في المملكة بالجمود والتعقيد؟
أعتقد أن الإجابة المنطقية والمتعلقة تقول بعكس ذلك بعد أن رأينا كيف توالى صدور الأنظمة واللوائح والتعديلات المستمرة التي تتم عليها من قبل مجلس الخدمة المدنية، منذ أن بدئ في الإصلاح الوظيفي والإداري على إثر الدراسات التي أعدها البنك الدولي ومؤسسة فورد سنة 1379هـ وهو أمر ينفي أيضاً مقولة التعقيد في الأنظمة إلا إذا كان المقصود بالتعقيد حرص الأنظمة على أن يتم تعيين الخريجين وفقاً لقواعد ومعايير محددة تحدد الأولويات بينهم.
وكون الترقيات تتم حسب قواعد واضحة تكفل ذوي الكفاءة، وكون الأنظمة قد حددت شروطا وضوابط منح المزايا المادية من بدلات ومكافآت وتعويضات وترشيد صرف هذه المزايا إذا تطلب الأمر ذلك، وحرص الأنظمة على أن يتمتع الموظف باجازته السنوية وقصر مدة تعويضه عنها في حدود (90) يوماً. وهي أمور لا تمت بأي صلة لمظاهر التعقيد بل هي تتمشى مع مبادئ الجدارة والمساواة والعدالة، إلا أن السلبية التي قد تتراءى للبعض ربما تعود لبعض مظاهر التطبيق مما يعني أن الخلل ليس في الأنظمة بل في عملية تطبيقها، وهو امر يطلب من الجميع التعاون في سبيل سلامة العمل بالأنظمة ومراعاة مبادئ العدالة والمساواة في تطبيقها وهو الأمر الذي يتمشى مع توجيهات قائد المسيرة الملك المفدى وسمو ولي العهد حفظهما الله الذين يؤكدوا دائماً على ضرورة تطوير الأنظمة واللوائح الوظيفية وقصر المزايا الوظيفية والترقيات التي وردت بها على الموظفين ذوي الكفاءة والجدية والحث على سرعة إنجاز الأعمال والانضباط في الدوام وهو ما يتمشى مع مبادئ وروح الأنظمة.
1
عبدالعزيز أحمد
2002-04-14 14:28:47ياالله توقعت أن هذه النوعيه من المقالات أصبحت في حكم المنقرض، ولاتوجد في التراث الصحفي المنشور في الستينات وماقبلها.. هذا النوع من المقالات موقعها هو تصريحات المسؤولين وتقارير واس الإعلاميه عن مختلف القطاعات والحملات الإعلاميه التي تتبناها القطاعات المتختلفه...
يبدو أن الكاتب ليس مدرك لطبيعة الطرح الصحفي الحالي المعتمد على النقد بالدرجه الأولى وتعرية السلبيات، وبالتالي أحال المقال إلى إشاده ومديح وتزكية
أية إيجابيات يتحدث عنها الكاتب في وجود جهة مركزيه للتوظيف بالمملكه؟ هل الأنظمه مقياس ام نسبة التضخم الوظيفي؟ هل مجرد إصدار تعديلات متواضعه على قوانين فورد، كاف لتطوير الأداء الإداري ورفع الكفاءه الوظيفيه بالقطاع الحكومي...
هل يعمل الكاتب بوزارة الخدمه المدنيه؟