مما لاشك فيه أنه ما من مسؤول يتحمل أمانة أداء عمله في أي قطاع إلا ويبحث عن الأفضل.. ولهذا نجد أن هناك قرارات وتعليمات وتوجيهات تصدر لتحسين وتطوير خدمات كل قطاع من قطاعات التعليم أو الصحة أو أي جهة تنموية ترتبط بخدمات المواطن وسواه..
من هذه القرارات في قطاع التعليم الخاص نجد قرار دمج الصم في مدارس التعليم العام وقرار تعليم الصم لغة الإشارة التي تستبدل الحروف الهجائية للغة العربية بحروف إشارية.. هذان القراران لم يتحقق لهما التقبل أو النتائج المتوخاة من إصدارهما.. وهذا من واقع ما يصلنا وما نقرأه من تعقيبات أو مقالات حول ذلك في الصحف..
ما سبق أن نشرته الدكتورة فوزية أخضر مدير عام التربية الخاصة للبنات سابقاً والتي تعتبر مرجعاً متخصصاً في هذا الجانب سواء على المستوى المهني والتربوي وأيضاً على المستوى الأسري بصفتها والدة لابن أصم بإرادتها وبتوفيق الله حولته إلى إنسان فاعل في المجتمع فكانت بذلك تحقق التطبيق العملي لما كانت تقوم به وتشرف عليه بصفتها الادارية وأيضاً الأمومية..
ذكرت سابقاً في صحيفة "الرياض" في 1428/4/5ه أن لغة الإشارة المستخدمة في تعليم الصم بمعاهد وبرامج الأمل بنين وبنات لا تفيد الصم ولا تمحو أميتهم التعليمية وأنهم ومهما وصلوا إلى مراحل تعليمية متقدمة سواء أكان التعليم الثانوي أو التعليم الجامعي إلا أنهم سيظلون أميين لا يقرأون ولا يكتبون، لأن لغة الإشارة تستبدل الحروف الهجائية العربية بحروف الإشارة في مناهج الصم وهذه الاشارات المستخدمة في تعليمهم بعيدة كل البعد عن اللغة العربية ولا تمت لها بصلة.. خصوصاً ان شريحة الصم من الشرائح المكلَّفة والمطالَبة بأداء الواجبات الدينية من صلاة وزكاة وأداء للحج وغيرها وهي كذلك مطالَبة بتعلم القرآن الكريم.. ولهذا لابد من تعليمها اللغة العربية.. وأكدت على أن شريحة ذوي الإعاقة الذهنية رغم أنهم مرفوعٌ عنهم القلم وبهذا يسقط عنهم أداء العبادات ولكن نجد أنهم يتعلمون القراءة والكتابة باللغة العربية والحروف العربية التي حرم منها الصم!! ذلك أن استخدام الحروف الإشارية لهم بديلاً عن استخدام الحروف العربية أدى إلى أن ينشأ الصم وضعاف السمع وهم لا يتقنون اللغة العربية. وليس كما يزعم البعض أن لغة الصم الأصلية واللغة الأم هي لغة الإشارة.. وهو الرأي الذي يدافع عنه بعض المسؤولين في وزارة التربية والتعليم!!
ونقاش د.فوزية أخضر يأتي من منطلق أن المعلومة لا تصل إلى هذه الشريحة إلا عن طريق مترجم لغة الإشارة، وحتى لا يستمر التعليم لهذه الشريحة بهذه الطريقة الخاطئة وتكون مخرجاته من الصم بهذا المستوى من الضعف الاكاديمي والذي أدى إلى حرمانهم من مواصلة تعليمهم العالي الذي يعتبر حقاً من حقوقهم..
وكما ذكرت أن ترجمة القرآن الكريم بلغة الاشارة هي إحلال لحروف الإشارة بدلاً من حروف اللغة العربية وهو مشروع ترى أنه لا يصب في مصلحة شريحة الصم اطلاقاً ومن الضروري إعادة النظر في هذه القرارات التي لا تحمل المصلحة للصم ولا تعزز اللغة العربية لديهم.
وما يؤكد ما ذكرته الدكتورة فوزية أخضر ما نشر ايضاً عن تعلم أحد معلمي الصم وهو الأستاذ عمر بن علي حول الطريقة الصحيحة في تدريس الصم والتي ينبغي أن تعتمد على أن يشرح المعلم النص اللغوي مقترناً بلغة الإشارة بمعنى أن لكل كلمة ما يقابلها من لغة الإشارة وهذا يجعل الأصم يشعر أن كل إشارة لديه لها مقابل لغوي والعكس صحيح فاللغة لها جانبان: الأول، منطوق مسموع والثاني مكتوب مرئي والرابط بينهما معنى الكلمة.. فالأصم يتعلم من اللغة شكلها فقط!!
وطالب بربط لغة الإشارة باللغة العربية ليكون عوضاً عن الجانب المنطوق فمادام الأصم يملك الجانب المكتوب من اللغة فليكن لها مقابل من لغة الإشارة وهذا يقوي لديه اللغة فيستطيع أن يتلقى ويعبر باللغة العربية وهذه الطريقة لابد أن تبدأ من المراحل الأولوية في تعليم الصم ليتعودوا طريقة الربط بين الإشارة واللغة العربية..
(يتبع)
التعليقات