لبلادنا جهود مشهودة لتشجيع العلم والعلماء والباحثين في مجالات الثقافة المتنوعة عن طريق وضع الحوافز وتقديم الجوائز الشخصية لذلك، فهناك جائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الدولة التقديرية ثم جائزة الأمير نايف لخدمة السنة النبوية.

فقد أحسن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حفظه الله صنعاً عندما اختار لموضوع جائزته الثقافية (خدمة السنة النبوية الشريفة).

فالسنة النبوية الكريمة تشكل حيزاً هاماً في الشريعة الإسلامية فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد (القرآن الكريم) وذلك بسبب أهميتها لكونها صادرة إما قولاً أو فعلاً أو تقريراً عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين والمرسل رحمة للعالمين، والذي جاءت شريعته ناسخة لسائر الشرائع السابقة بما فيها اليهودية والنصرانية (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).

وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على السنة النبوية وبين أهميتها في قوله عز وجل (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقوله سبحانه وتعالى (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى). كما بيَّن رسول الله عليه الصلاة والسلام أهمية هذه السنة في قوله (إني أوتيت القرآن ومثله معه).

ولذا فإنه كما اهتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السنة الخالدة بحفظهم لها والعمل بها وتدوينها وكذلك اهتم من جاء بعدهم من التابعين والعلماء بالسنة حيث أحسنوا روايتها وتحملوا الصعاب في سبيل جمعها كما وضعوا القواعد والمصطلحات التي تضمن سلامة رواية السنة وحددوا الأحاديث الصحيحة والضعيفة ودونوا الكتب الصحاح العديدة في هذا المجال، فقد آن الأوان لإحياء هذه السنة وتجديد الأبحاث حولها بما يتلائم مع ما يتطلبه عصرنا الحاضر من مقتضيات لم تكن موجودة وقت ظهور الإسلام قبل ما يزيد عن (1422) سنة وبالتالي ابراز الوجه المشرق لهذا الدين فالإسلام دين كل زمان ومكان فقد نص على القواعد العامة بما فيها العبادات كالصلاة والزكاة والصيام والحج تاركاً الجزئيات وبالذات في كثير من أمور المعاملات كي تكون مجالاً للبحث والتجديد وهذا هو ما تهدف إليه هذه الجائزة، عن طريق تشجيع العلماء والباحثين لإيضاح معالم هذه السنة كمصدر أساسي للعمل والتشريع، كما أن هذه الجائزة سوف تساهم في مزيد من التوثيق والحماية لهذه السنة المطهرة بما يتمشى مع وسائل المعلومات والتوثيق المعاصرة مما ينعكس إيجاباً على السنة الشريفة من حيث سهولة الرجوع إليها اضافة إلى تحديد درجات القوة والضعف فيها.

وهذا بالتالي سوف يعطي دفعاً قوياً لهذه السنة الكريمة ويبين أهمية مكانتها خاصة بعد انتشار الاتجاهات المعادية لها التي تدعو إلى نبذ العمل بالسنة لعدم توفر مقومات ثبوت كثير منها كما هو القرآن الكريم متجاهلين بأن السنة هي التي فصلت وحددت كثيراً من الأحكام العامة الواردة في القرآن المجيد وأن الرسول عليه السلام عندما نهى عن تدوينها في حياته كان هدفه ألا تختلط بالقرآن.

أثاب الله عز وجل سمو الأمير نايف على هذا العمل الجليل وجعله في موازين حسناته إنه رؤوف رحيم.