اليوم ذكرى توحيد الوطن .. ولأنه أصبح يغرس في النسيج الاجتماعي من خلال اعتباره إجازة رسمية.. فإن احتفاءنا به كما سبق أن أوضحت لا ينبغي أن يتوقف عند مرافئ الاحتفاء إعلامياً فقط عن طريق السرد التاريخي رغم أهميته وليس عبر الأناشيد والأهازيج فهذه تأتي كل يوم..

احتفاؤنا به لا بد أن يستمد من اعتزازنا بهويتنا الإسلامية أولاً وآخراً ذلك أن الله كرمنا بأن جعل هذه الأرض مهبط الوحي ومنبع الرسالة وإن كنا نحن السعداء بكوننا المواطنين لها وفيها..

اليوم الوطني .. يتجدد في نفوسنا عبر تاريخ طويل من انتصار للمظلوم.. من لحظات التوحيد لهذه الأطراف المترامية تحت شعار الإسلام وعلم هذا الوطن..

اليوم الوطني .. هو العرس لكل مخلص يخشى الله فيما اؤتمن عليه سواء كان مسؤولاً كبيراً أو مجرد بائع للمشروبات الغازية على قارعة الطريق وفي منحنيات الدروب..

أمانة المسؤولية هي وقود سلامة المواطنة وهي تجسيد حقيقي لجانب الحقوق والواجبات لكل فرد في منظومة الوطن وهرم البناء السياسي والاجتماعي .. تتحقق المواطنة عندما يستوفي كل منا حقوقه وفي المقابل يؤدي واجباته مهما كانت ضخمة أو قليلة فجدلية الحق والواجب في منظومة التفكير الديني والجانب العقدي في ذات كل مسلم ينتهي لهذا الوطن ويرتبط بحبه وبولائه للعقيدة أولاً ثم يجسدها في سلوكه فيكون الأمثل أباً وزوجاً وابناً وهو في دوائر العمل ذلك الطبيب وذلك التاجر وذلك المحامي وذلك الكاتب وذلك المعلم و.. و.. الخ

والسياق ذكوري /أنثوي لا انفصام بينهما في جانبيء الحق والواجب ما عدا الاستثناءات التشريعية لجانب عن الآخر.

هكذا أفهم حبي لوطني.. ليس عبر ترديد اتهامات أفراده بالإرهاب، ولا تعميم مساوئ التطرف والتميع وليس عبر تبعية لقشور براقة يحسبها الظمآن ماء.. كلاّ وبصفتي مسلمة أدرك أن حب الوطن من تمام إيمان المرء منا.. ومن لم يكتمل إيمانه فكيف يرجو نجاحاً وتقدماً لنفسه أو لوطنه؟!

حبي لوطني ليس للمساومة ولا للمهادنة ولا للاتجار بالشعارات خصوصاً في هذه المرحلة التي يمر بها العالم الإسلامي من موجات العولمة التي تشتد وكأنها على كل من يتمسك بعقيدته بعيداً عن أي تنازل تحت أي مسمى براق.

.. في أعماق البادية هناك الحب والانتماء والمواطنة وعلى السواحل وتحت أقدام الجبال الشاهقة في الجنوب والشمال لا بوصلة تقيس هذا الانتماء بما هو عليه في مكاتب الدراسات والإحصاءات عندما يتم تقنين الحب والمواطنة وفق معايير قد نختلف أو نتفق حولها.. وقد تكون هشة لا ترقى لمستوى الجانب العقدي في تجسيدها بعيداً عن مسميات الحرية والديموقراطية وحق الرأي وحق الحياة كما هي في حقوق الإنسان العالمية التي في الواقع الحقيقي أصبحت مقننة وفق طائفية أو طبقية معينة!!

.. مجتمعنا يتميز بأنه تلقائي الحب عميق العطاء، يأتي الولاء والانتماء في ثناياه بتلقائية صافية فدعونا نجسد هذه المواطنة بمحاسبة قوية لذواتنا وبانتهاج سلوكيات مستمدة من قيم الدعوة المحمدية حيث الوطن ليس قطعة أرض يقيم عليها الفرد منا، بل هو تاريخ وروابط دينية واجتماعية ومعنوية ومادية تشد هذا الإنسان إلى سواه من المواطنين وإلى ولاة أمره.. العلاقة التبادلية بين القيادة والمواطنة من أولويات المواطنة ومن تجليات تحقيقها..

.. للوطن في يوم توحيده .. الحب والولاء ومصداقية الانتماء..

فلنكن مواطنين صالحين كي يتحقق لهذا الوطن المزيد من التقدم والمزيد من الرفاهية..

دعونا نحتفِ في هذا اليوم بمكافأة المخلص ومحاسبة المقصر.. دعونا نعزز المشاركة الإيجابية لكل مواطن ومقيم في تنمية المجتمع..

دعونا نُبقِ على الآثار الإيجابية لاستقراء تاريخ هذا الوطن حباً ودعماً ودماء سالت على تربته كي تحقق وحدته .. وتعزز نموه وأمنه..