يمثل العمل جانباً مهماً في حياة الانسان لكونه مصدر رزق له ولأسرته ولأنه يشعره بالمشاركة في بناء مجتمعه ووطنه، والعمل إما أن يكون مستقلاً ذاتياً أو عن طريق الالتحاق بالوظيفة العامة وهي التي تهدف إلى تقديم خدمة للمواطنين أو للدولة أو الالتحاق بإحدى وظائف القطاع الأهلي التي تهدف لتحقيق الربح المادي لصاحب المؤسسة أو الشركة التي تتبعها الوظيفة، والمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني.

والأصل في الوظيفة العامة لدينا أن تشغل بالمواطن السعودي للعديد من الأسباب ومنها:

  • إن الوظيفة العامة تؤدي لخدمة الوطن والأولى بتقديم هذه الخدمة هو ابن الوطن الذي يحمل جنسيته باعتبار أن الجنسية دليل ولاء وإخلاص والمواطن هو خير من يبذل ولاءه وإخلاصه لوطنه.

  • إن الوظيفة العامة تقدم خدماتها انطلاقاً من البيئة الاجتماعية، والمواطن ابن البيئة هو خير من يترجم تلك الخدمة.

  • إن الوظيفة العامة فضلاً عن كونها أداة خدمة عامة فإنها تحمل من المزايا المادية والمعنوية ما يتطلب استفادة المواطن من تلك المزايا دون غيره.

وإذا كان تعيين المواطن السعودي على الوظيفة العامة هو الأصل فإن تعيين غير السعودي عليها يعتبر استثناء ومؤقتاً ومحصوراً في الوظائف التي لا تتوفر مؤهلاتها في المواطنين السعوديين.

وكان أول نظام ينظم حقوق وواجبات الموظفين غير السعوديين قد صدر سنة 1374هـ تحت مسمى (عقد استخدام غير السعوديين) الذي استمر العمل به الى أن صدرت (لائحة توظيف غير السعوديين)، سنة 1394هـ كما صدر سنة 1417هـ لائحة تنظم الأوضاع الوظيفية لغير السعوديين بالجامعات السعودية.

وقد كان الأمر عند بداية الاستعانة بالاخوة غير السعوديين هو التعاقد معهم على مختلف أنواع الوظائف من تعليمية وإدارية ومالية وتخصصية وفنية وحرفية ونحو ذلك.

وفي أواخر التسعينات الهجرية وبالذات بعد صدور نظام الخدمة المدنية لسنة 1397هـ والعديد من الأنظمة واللوائح التنفيذية الأخرى، حدث نشاط ملموس في سعودة الوظائف الحكومية وبالذات على الوظائف الادارية والمالية والتعليمية والتخصصية. وقد ساهم في ذلك تزايد خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة، وما أوردته الأنظمة الجديدة من قواعد للسعودة، إضافة إلى التوجيهات السامية المتوالية التي تحث على سعودة الوظائف العامة والتي كان آخرها:

  • قرار مجلس الوزراء رقم (74) في 1419/4/4هـ الذي يطالب بمراجعة وضع المتعاقدين من غير السعوديين في الأجهزة الحكومية من قبل القيادات الرئيسية ،وذلك في حالات التعاقد الجديدة أو حالات تجديد التعاقد، مع عدم تجديد عقود غير السعوديين الذين يشغلون وظائف المرتبة الخامسة فما دون باستثناء الوظائف الفنية عند الضرورة، مع وضع حد أعلى لمدة المتعاقد غير السعودي في جهاز الدولة وهي عشر سنوات، وضرورة الاعلان عن وظائف البنود قبل التعاقد عليها، وعدم نقل المتعاقد الذي حل مواطن محله إلى وظيفة أخرى، إلا بعد التفاهم بين الجهة التي يتبعها ووزارة الخدمة المدنية.

  • قرار مجلس الوزراء رقم (54) في 1420/3/14هـ الذي يلزم الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة عند تعاقدها مع الحكومات أو المنظمات الدولية أو الشركات للقيام بالإدارة نيابة عنها أو التدريب أو تقديم الخبراء أو الاستشارات أن تضع ضمن تلك العقود خطة لتدريب الكوادر السعودية مع إعطاء الأولوية عند الحاجة للخبراء والمستشارين للجامعات والمعاهد المتخصصة والمراكز العلمية في المملكة.

  • قرار مجلس الوزراء رقم (36) في 1423/2/2هـ الذي يؤكد على ضرورة المضي قدماً في مجال السعودة بالإضافة إلى ضرورة نقل غير السعوديين الذين يشغلون وظائف معيدين ومحاضرين بالجامعات السعودية إلى بنود أخرى والاستفادة من الوظائف التي يشغلونها لتعيين المواطنين المؤهلين لتلك الوظائف مع التوسع في إحداث وظائف المعيدين والعمل على ابتعاث من سيشغلها من المواطنين من أجل تأهيلهم لشغل وظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.

إذاً فإن هذا الحرص والتأكيد من المقام السامي على ضرورة استكمال سعودة الوظائف يتطلب من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة تفاعلاً أكثر وأن تكون خدمة المصلحة العامة في هذا المجال هي هاجسهم فتوظيف المواطنين قضية وظيفية ينبغي أخذها بعين الاعتبار وعدم التهاون بها.