ما أقسانا نحن البشر حين نحكم على الأشياء بظاهرها. يخدعنا الظاهر بينما لا يفكر الكثيرون منا لحظة أن ننظر في جوهر الأشياء.. ونحن مبهورون ومأخوذون بما حولنا من قشور .. ولو أمعنّا النظر في الأمور لوجدنا أننا ظلمنا الأشياء في حكمنا الظاهر عليها فإن تعثر أحدنا حكمنا عليه بالسقوط الثاني وإن تلعثم حكمنا عليه بالخرس وعدم القدرة على الكلام..
وعلى العكس يبهرنا الشخص الذي يحسن تزيين الكلام وتنميق العبارات..
وقد يكون الأول في داخله يحمل من الثقافة والبيان والقوة ما يحمله الثاني، لكنها قدرات شخصية قد تكون خادعة في بعض الأحيان. أي نوع من البشر نحن نتجاهل بغرورنا عن المعرفة والحق، لو أعملنا الفكر لوضحت أمامنا حقائق الأشياء وقد قالوا: الرجال صناديق مقفلة لا تفتح إلا بالاختبار والمعاشرة..
وجبت هذا العالم الغامض المخيف فوجدت أن لكل شيء قناعاً يغطيه ويحجب حقيقته.
يقول الشاعر:
قد تنكر العين ضوءَ الشمس من رمد
وينكر الفم طعمَ الماء من سقم
ويقول الشاعر أيضاً:
ماضرّ شمس الضحى في الأفق طالعة
أن لا يرى ضوءها ما ليس ذا بصر
ان ما نشاهده بأعيننا وما نسمعه بآذاننا ليس إلا سراباً خادعاً في معظم الأحيان لا يستطيع أن يكتشفه بآذاننا إلا من كان على بصيرة يرى بقلبه ما لا يراه بعينه..
ولقد جبلت طبيعتنا البشرية على الحكم بالظاهر دون تبصر الأمور، فالسبق لدينا لصاحب الصوت الأعلى وان كان مخادعاً والاهمال لصاحب الصوت الضعيف وان كان صادقاً ولنا في قصة موسى عليه السلام عبرة حيث طلب من ربه أن يؤيده بهارون لأنه كان أفصح منه لساناً ويستطيع أن يعبر لفرعون وقومه عما يريد موسى أن يقوله لهم وكان يدعو ربه قائلاً: {ربي أشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}..
ومجمل القول ان التنميق أو البهرجة ليس بالبسالة والإقدام وبنفس المعيار فإن الخجل الصامت ليس بجبن أو تغليف. فالحياة لا يمكن أن تقاس بما يدور على سطحها بل يجب التمعن في خفيتها ولا يكون لقشور المرئيات حكم عليها بل يكون الحكم بلباسها ولا نحكم على الناس بوجوههم بل بماتكتمه صدورهم وقلوبهم فليس كل ما تسمعه الأذن تطرب له القلوب ولا كل الكلام يحمل رنة الأجراس قصيدة، ولا كل ما تراه العين من خطوط صورة..
فالأغنية قد تكون مؤثرة بمافيها من مسافات صامتة مرتعشة والقصيدة قد تكون معبرة بما يتسرب إلينا عبرها من هدوء مستوحشين في روح الشاعر، والصورة قد تكون أكثر وضوحاً إذا حدق الإنسان إلى ما هو أبعد وأجمل..
إن الصفات التي يتحلى بها البشر من الكرم والبخل والقوة والضعف قد تكون أشكالاً زائفة تحمل خلفها حقيقة مغايرة تماماً لما يبدو للناظرين فربما يكون الكرم الأناني هو عن البخل وربما كان الضعف قوة.
يقول الشاعر:
ترى الرجل النحيل فتزدريه
وفي أثوابه أسد هصور
1
نواف
2002-06-04 10:38:12اهلا السيده منيره:
اشكرك واشكر هذه الجرائه التى دعتك لكتابة هذا الموضوع .نعم نحن يامعشر البشر قساة الى ابعد حد وخصوصا معا انفسنا قبل كل شى اصبحنا نحكم بعواطفنا مع من يتقبله هوانا ولا يهم ان يكون هذا الحكم من قبل قاضا ظالم على متهم برىء.اصبح الظاهر فيناهو بمثابة الامتحان يكرم المرء فيه او يهان فكم من الاشخاص المتسترين بغطاء البهرجه والتنميق نالوا استحسان الكثير من البشر وتحتى مبدى كاذب ولكن الغطاء كان ساترا تماما لماذا اصبحت المظاهر من الامراض العصريه التى اصبحنا نعاني منها وهي للاسف متشعبه ولا تعرف مكانا ولا زمانا.
من يستطيع كشف هولاء على حقيقتهم وما تحويه عقولهم الخاويه من افكار غريبه تنبئك بانك تتحدث مع احد طلاب المرحله الابتدائيه .
هذه الامور نعاني منهاكثيرا حتى في علاقاتنا اذا رائينا شخصا صامتا صار لدينا اعتقاد بان هذا الصمت بنى على الجبن والخوف وضعف الشخصيه وفي المقابل هناك من ياتيك بافضل الكلام وبحكمت المتحدث ويسودنا اعتقاد بان هذاالحديث هو"كلام فاضي".......عجبا.
هناك حكمة تقول (ليس كل مايلمع ...ذهبا)
مجرد كلمه اخير يجب ان نحكم على الظاهر والباطن كي نحقق معادله سليمه لانندم عليها و حكم الظاهر لايكفي نحن في زمن الخيال فيه اكثر من الواقع والحلم هو مجرد حلم......
ولكم تقديري.