عاد مؤخراً التوتر بين الدولتين الجارتين الهند وباكستان بسبب مقتل مجموعة من المواطنين الهنود في الاقليم الهندي من كشمير بعد هدوء لم يزد على ثلاثة أشهر وذلك على إثر التوتر السابق الناجم عن تفجير جزء من مبنى البرلمان الهندي وسقوط العديد من الهنود.
وقد اعتادت الهند على توجيه اصابع الاتهام لباكستان كلما وقع فيها حادث تفجير أو قتل، وذلك بالطبع يعود إلى النزاع طويل المدى بين البلدين حول كشمير، ذلك ان بريطانيا قبل خروجها من شبه القارة الهندية سنة 1947م قامت بتقسيم تلك البلاد إلى دولتين احداهما "الهند" وتضم الطائفة الهندوسية وبعض الأقليات المسلمة والمسيحية والبوذية، والدولة الثانية "باكستان" وتضم غالبية الفئات الإسلامية، وقد حظي قرار التقسيم المشار إليه بقبول الطائفتين الكبيرتين في شبه القارة الهندية وهما المسلمون والهندوس ولا يزال، إلا ان مما عكر صفو الموضوع عدم قيام بريطانيا بالبت في وضع "كشمير" وتحديد أي دولة تتبع مع ان الواقع المستنتج من نوعية سكان كشمير يقتضي ان تكون في ذلك الوقت تابعة لباكستان، ذلك ان الغالبية الكبرى لسكان كشمير هم من المسلمين فلو تم اجراء استفتاء في ذلك الوقت أو في الوقت الحالي حول ذلك لكان قرار شعب كشمير إما الاستقلال في دولة خاصة به أو الانضمام إلى باكستان وذلك بسبب اتحاد العقيدة علاوة عما يفترض ان يتم به ذلك لأسباب أخرى.
وكان السؤال الذي يطرح نفسه هل قيام بريطانيا بعدم التقرير في وضع كشمير جاء من باب الصدفة أم انه كان موقفاً استراتيجياً متعمداً انطلاقاً من مقولة ان أي مستعمِر لا يخرج من البلد المستعمَر بنفس راضية. ولذا فإنه لابد ان يترك وراءه ما يؤثر سلبا على الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية في تلك البلاد التي خرج منها، وبالذات في مثل وضع باكستان والهند حيث المساحات الكبيرة والعدد الهائل من السكان وهو ما حصل بالفعل فقد قامت رغم قصر المدة من الاستقلال والتقسيم سنة 1947م ثلاث حروب وكانت قضية كشمير هي المحرك لهذه الحروب بما فيها حرب سنة 1971م التي أدت إلى انفصال الجزء الشرقي من باكستان وقيام دولة "بنجلاديش" في ذلك الجزء من باكستان وذلك لأن الهند هي التي كانت وراء فكرة الانفصال والسبب يعود طبعا للخلاف الهندي الباكستاني حول كشمير، ذلك ان انفصال جزء رئيسي من باكستان سوف يضعف بالتأكيد الدولة الباكستانية من الناحية المادية اقتصاديا وبشريا وكذلك من الناحية المعنوية فباكستان في السابق كانت تطوق الهند بجزئيها الغربي والشرقي.
إن مع باكستان كل الحق في الوقوف مع شعب كشمير بسبب اخوة العقيدة وكذلك انطلاقا من مبدأ تقسيم شبه القارة الهندية فكشمير إما ان تكون تابعة لباكستان أو على الأقل ان تكون دولة مستقلة وهذا ما طرحته باكستان باستمرار إلا ان الهند تقابل ذلك بالرفض مدعية بأن كشمير جزء منها.
ان وضع كشمير في القارة الهندية يشبه وضع اسرائيل في العالم العربي فكشمير تم تعليق وضعها لتكون دائما مصدر التوتر والنزاع بين الهند وباكستان واسرائيل زرعت لدى العرب لتكون بؤرة لعدم الاستقرار وعدم التطور والتقدم العربي. فمنذ بداية التوتر الحالي بين البلدين الهند وباكستان قامت العديد من الدول ببذل مساعيها لنزع فتيل هذا التوتر ومنها روسيا، وقد أبدت باكستان تجاوبا مع هذه المساعي وأعلنت انها لن تكون البادئة في إعلان الحرب، بعكس الهند التي رفضت المساعي الدولية بل انها زادت وتيرة التوتر بارسال طائرات التجسس لباكستان.
ان حل قضية كشمير يتمثل في إعطاء الشعب الكشميري حق تقرير مصيره إما باقامة دولته المستقلة أو بالانضمام لأي من طرفي النزاع باكستان أو الهند سواء كان ذلك عن طريق الاستفتاء أو التحكيم الدولي وعلى الهند ان تساعد ذلك الشعب في أن يقول كلمته، أو ان تفسح المجال للجهود الدولية لحل هذه القضية وذلك بدلا من الاستمرار في التوتر والحروب منذ ما يزيد على خمسين عاماً.
التعليقات