اشتهر رئيس الوزراء الإسرائيلي (ارييل شارون) طيلة حياته العامة بميله للعنف وهو يدعي محاربة الإرهاب وباليد الحديدية وهو يدعي رفع غصن الزيتون وبعدائه للفلسطينيين والعرب وهو يدعي رغبته في السلام، فالكل يعرف ماذا عمل في لبنان وفي المخيمات الفلسطينية في ذلك البلد سنة 1982م عندما كان وزيراً للحرب الإسرائيلي وما عمل بعد ذلك عندما كان خارج دائرة الحكم من مناورات عدائية واستفزازية ومنها رفضه لاتفاق أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين وقيامه بدخول المسجد الأقصى ليس من أجل استفزاز الفلسطينيين فقط بل العرب والمسلمين جميعاً. كما أنه لا يخفى على أحد ماذا عمل ذلك الرجل بعد توليه الحكم فبدلاً من مواصلته المفاوضات مع الفلسطينيين من حيث توقفت في عهد سلفه (باراك) أكد رفضه لاتفاق أوسلو وقام بالعديد من الإجراءات الاستفزازية لشعب فلسطين المقهور ورفض مقابلة السيد عرفات كما أنه لم يقابل أي زعيم عربي ممن ترتبط بلاده بعلاقات مع إسرائيل كمصر والأردن، فتلك التصرفات اللامسئولة هي التي ولدت الإحباط لدى الشعب الفلسطيني وأدت إلى استفحال شأن المقاومة التي يسميها الإسرائيليون (إرهاباً) والتي كان شارون هو سبب بدايتها عندما قام بدخول المسجد الأقصى وسبب استمرارها عندما جاء للحكم وفي نيته إظهار العداء لذلك الشعب وتعطيل عملية السلام التي كان الشعب الفلسطيني، متحمساً لها لكونها آمله في الخلاص من الاحتلال وتبعاته السيئة ثم قيام شارون بعملية اجتياح أراضي السلطة الفلسطينية عندما رأى آثار المقاومة الفلسطينية على شعب إسرائيل وتململه من سياسة رئيس حكومته حيث أطلق على تلك العملية (السور الواقي) لقد ارتكبت القوات الإسرائيلية في هذه العملية المجازر والأعمال اللاإنسانية ضد الفلسطينيين فهل كانت تلك العملية سوراً واقياً بالفعل الجواب بالنفي لأن ذلك السور لم يوقف المقاومة ولم يحل دون دخول الفلسطينيين العمق الإسرائيلي لقد وقع بعد عملية السور الواقي ما يزيد عن عشر عمليات فدائية قتل فيها العشرات من شعب إسرائيل إضافة إلى العشرات من الجرحى والمصابين إلا أن ذلك لم يكن كافياً لكي تغير الحكومة الإسرائيلية سياسة التشدد والقوة إلى سياسة تهدف للانفتاح نحو السلام والمفاوضات، بدليل أن تلك الحكومة بدأت إقامة سور أو جدار حقيقي يفصل مناطق السلطة الفلسطينية عن إسرائيل لكي يحول دون دخول رجال المقاومة داخل إسرائيل فهل سيحقق هذا الجدار هدف إسرائيل في وقف المقاومة نعتقد أن الجواب أيضاً على ذلك بالنفي لأسباب معروفة لدى الجميع ومن أبرزها أن المواطن الفلسطيني الذي رخصت عليه حياته في سبيل دينه ووطنه لن تحول دون تحقيق هدفه أي عقبات كما ان لإسرائيل تجربة سابقة قد تكون أقوى وأصعب من الجدار الذي ستقيمه وهو خط (بارليف) الذي أقامته على الشاطئ الشرقي لقناة السويس أيام احتلالها لصحراء سيناء ومع ذلك فإن هذا الخط لم يمنع الجندي المصري المسلم من عبور القناة ثم التصدي لذلك الخط وتدميره وصوته يعلو بتكبير الله القوي العزيز.

إذاً فإن خلاص إسرائيل من ضربات المقاومة التي ينبغي أن تتجنب المدنيين لن يتم بالقوة والعنف والأعمال اللاإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني بل بالرضوخ لنداء السلام والرحيل عن الأراضي المحتلة التي مضي على احتلالها ما يزيد عن (35) سنة لكي يقيم هذا الشعب دولته ويعيش كما يعيش الآخرون في عزة وكرامة، خاصة وأن الفلسطينيين والعرب قد أعربوا مراراً عن رغبتهم في السلام وأنه خيارهم الاستراتيجي بشرط أن تنسحب إسرائيل إلى خطوط الرابع من يونيو سنة 1967م بما في ذلك القدس الشرقية وكان آخر ذلك مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وقد قوبل ذلك بالرفض من قبل اسرائيل التي كانت قبل حرب 1967م تستجدي العرب في القبول بوجودها والاعتراف بها إلا أنها بعد الحرب واستيلائها على الأراضي العربية في الضفة والقطاع وسيناء والجولان غيرت هذا التوجه حيث أصبحت تنظر بطمع لتلك الأراضي العربية وهو سبب بقائها باستثناء سيناء تحت الاحتلال هذه المدة الطويلة ولم تعد راغبة فيما يبدو في السلام.