أغنية شهيرة جداً ظهرت قديما بصوت الفنان الراحل السعودي الأصل من "حرمه" عبد اللطيف العبيد الملقب "الكويتي" بمقام بيات على النوى - ثم غريد الشاطي مقام الرست على النوى ترتكز على الحسيني وتناول من بعده العديد من الفنانين منهم بشير حمد شنان رحمه الله، "سلموا لي" باختصار بعض الكلمات..
حقيقة لم تكن تلك الأغنية إلا تصوير لما يكنه العاشق بفرض الأماكن أو المحتويات أو غيرها ربما تكون تصويراً مجازيا لهذه الأعمال الشعرية، اختلف الراوة عن قائل هذه الأبيات لكن يغلب على البعض اعتماد الشاعر والملحن السعودي الأصل عبد العزيز بن عبد الله المعتوق الملقب ب "البصري" أقام في الزبير ورحل إلى الكويت ومن إحدى كلماته وألحانه أغنية "يابو فهد"، لكن هناك من يقول بأنها من كلمات الشاعر فهد بن راشد بروسلي " 1918-1960م" رغم اختلاف الحوار بين الساحل ونجد.
دائما مايكون الفراق هو أساس منطوق شريحة الشعراء وقرائحهم، هنا تعتمد تلك الحالة في مقدمة الأغنية رغم اختلاف التقدير بين اللحنين لكن الاعتماد على الإحساس الناتج من مخزون الكلمة ورأيها في التصوير، هي حالات تدور وتبقى في قالبها رغم اختلاف الرأي في التصوير..؟!
هذه الأعمال الغنائية التراثية لا تختلف من حيث النهج المبدأ في التنغيم، لذا تجدها في قالب واحد يتكرر مراراً أي كوبليه يكون مرجعاً للمذهب..!!
وبرغم المرجعات الآتية من المذهب إلا أن إحساس الكلمات تماشى مع الأنغام بشكل مؤثر.
سلموا لي على اللي سم حالي افراقة
حسبي الله على اللي حال بيني وبينه
قايد الريم تأخذني عليه الشفافة
ليتني دب دهري حيسة في يمينه.
ربما هناك كلمات أدخلت على هذه القصيدة، لكن الاعتماد على الأجراس الموسيقية كان الهاجس لاستمرار ذلك العمل كما هو الحال في "ليتني دب دهري حيسة في يمنينه" بينما هناك من يقول بأنها "ليتني طول عمري خاتم في يمينه" الظاهر أن الكلمات اختلفت كثيراً من حيث النطق والجو العام لبيئتها لكنها لم تختلف ولم تخرج عن الجرس الموسيقى للأغنية..أعتقد أنها رؤيا لا تخرج من الواقع التي كانت هي علية رغم تجاوزها السنين.
آه واقلبي اللي راح مني سراقة
تل عرق المودة وأنقط في يدينه
بالهوى طاح ما بالرأس عقب الحماقة
أتشهد واسمي لا خزرني بعينه.
أهواء الفنانين تختلف من حيث الرؤيا والإحساس، رغم ذلك لا تختلف من حيث الإبداع في استخراج الأجراس الموسيقية، هنا تختلف كثيراً عن ما يقدمه مثلاً بشير شنان أو غريد الشاطي - رحمهما الله -، في استخراج العبارات التي تواكب نضوج ذلك الجيل عن سابقه، اختلفت كثيراً بل أن منهم من لم يقدم الأبيات كاملة واستعان بغيرها كتصوير آخر أو اختصار "تل عرق المودة وانقطع في يمينه" استبدل في "تل حبل المودة واقطعه في يدينه" غالباً يستغرب الشعراء من استبدال أبياتهم في ظروف تجبرهم على ذلك بينما في هذا العمل كل الكلمات حتى التي استبدلت كانت متزامنة تحمل أجراسها بسهولة.
والردايف تشيل الثوب عن حجل ساقه
مثل برق تكاشف لا كشف عن جبينه
زاميات نهوده يوم زرر اشباقة
مثل خوخ مخدد توهم قاطفينه.
عبد اللطيف الكويتي تغنى بهذه الأبيات رغم تبديلها من الفنانين الآتين من بعده مثلاً "والردايف تشيل الثوب عن حجل ساقه" طورت ب " تشيل الثوب من فوق ساقه".هناك استغراب في استمرارية هذه الأعمال التراثية "الشعبية" وبقائها لأجيال رغم التفاوت البيئي إن كان اجتماعيا أو اقتصاديا أو غير ذلك، لكنها تنهض كثيراً بمدلولات اختيار الكلمة وتفسيرها لغويا اجتماعيا بيئياً، غريب ذلك الجيل باختيار كلمات الوصف وتنغيم الأحداث التي تحيط بالمجتمع.
لي ذكرت الليالي اللي مضت والصداقة
عود القلب يرجف مثل رجف المكينة
عقب ماهو نديمي صار شفافة
الله اقوى على اللي عشر وأربع سنيته.
نفس الأسباب التي تجعل بعض المطربين يتخلون عن بعض الكلمات إما أن تكون متناسبة اجتماعيا أو تقديمها بإحساس اعلى مما كانت هي علية، مثال " الله اقوى على" تغيرت عند بعض المطربين إلى "الله اكبر"، النغم يتواصل بنفس المذهب لكن الاختلاف يكون في الأداء، هذه الصفة ربما تتكون عند المطربين القادرين على صياغة الجملة وتقديمها بالشكل المتناسب المندفع بالإحساس والقدرة.
اشتهى عشرتي وأنا عشقته عشاقه
في زمان مضى واليوم ويني ووينه.
التغيرات مأخوذة من نفس المبدأ غالبا هي تندرج في التبسيط للمتلقي خاصة وإنها كلمات وأغنية نتاج أرض خصبة متوارثة بيئياً لا تنسى، هنا في "اشتهى عشرتي" و"أنا عشيقة" تبدلت اشترى عشرتي "و "أنا شريته"، كما هو الحال في " واليوم" تبدلت لغوياً إلى "لي بس".
رغم التغييرات اللغوية واللحنية بين المطربين إلا أنها لا تختلف في الإحساس بل هناك تقارب كبير في التصوير الموسيقى للكلمة ومدى استيعابها، الكلمة الشعبية الموروثة هي خلاصة أجيال تمتعت بنبض الروح والكلمة وعطاء الموروثات "الفلكلور" هي غالب ما يحدث خلال النطق بها، اعتقد أن مثل هذه الأعمال كثيرة تتردد على مسامعنا منذ ولادتها.
أظن أن التاريخ يحفظ تلك الإبداعات من الكلمة واللحن لأنها كانت مشروع إنتاج من صوت الأرض أن كانت شعراً أو نغماً، دائما تصف نفسها بالذهب لأنها تمتلك القدرات التي تجعلها ثابتة لا تتراجع عن هذه الأوصاف "الذهبية".
ANASER@ALRIYADH.COM
1
أبولينا
2007-07-18 14:59:38اسم الشاعر بورسلي...
2
صالح محمد
2007-07-05 04:26:09تسلم يدك على التعقيب الرائع
3
Njwaabdullah
2007-07-05 02:28:50وهناك وحيدين
في أول ليلة
بعد عمر مديد في طاعة الله
هل يسرنا
أن نرى ثمرات سماعنا
للأغاني المصحوبة بالمعازف المحرمة ؟!
*
هل نقرأ ونسمع من القرآن مثل ما نسمع من الأغاني ؟!
*
هل سيشرفنا الجواب يوم اللقاء المرتقب
مع ملك الملوك ؟!
*
حبان لا يجتمعان
حب القرآن
وحب أحان الغناء
في قلب عبد
لا يجتمعان !!
*
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
Njwa2007@gmail.com
4
عبدالله العتيبي
2007-07-04 21:27:40لا فض فوك ياأخ/أحمد وسلمت أناملك وللأخت/نهى على التصحيح
5
أبو جو انه..
2007-07-04 20:18:42رائع يبو ناصر كعادتك.. انت وزملائك بن واصل وابو ساير..
في إثراء جعبتنا الفنية الواهنة من تلك المعلومات التراثية البعيدة عن الإسفاف وصغائر الأمور، فهي بلا شك كتابات فنية نقدية متعقلة، فيها المعلومة التأريخية وببلوغرافيا شخصية للضيف ودقائق الأمور والتي أحيانا ً تكون خافية عن أغلب القرّاء أو المهتمين حتى المختصين في مثل هيك أمور ! تجعلنا نبحر في ثنايا تلك الأبيات وكأننا نسمعها للوهلة الأولى.. الأغنية الفلكلورية تلك جميلة ٌ بلا شك.. وفي الزمن الأجمل، عندما كانت للمفاجأت طعم ٌ آخر وانتشاء الطفولة، أغنية ٌلها عبق تراثي خليجي قديم.. ربما لن يستعذبها أخوتنا خارج الجزيرة، تم تداولها من قبل الكثير من المؤدين والمرددين عوضا ً عن عشاق الفن الأصيل منهم من انتقل إلى رحمة مولاه ان شاء الله.. ومنهم لازالوا بيننا يحاولون التصدي لسيل تفاهات الحناجر والأفواه الطارئة.. حتى بات متذوق ذلك الفن الأصيل نشازا ً إن لم يوصم بشيء ٍ ما في عقلة..
لكم منا أطيب التقدير مثمنين جهودكم الملموسة.. رغم زخم الغثاء العربي..
سؤال.. اليست الحان تلك المقطوعة سامرية ؟ وماالفرق بين السامري ومقام البيات ؟!
Shajan96@Hotmail.Com
6
أحمد التويجري
2007-07-04 19:48:24شكرا لك ولكن هذا من سبق القلم كما يقولون فأنا كتبت الآية بسرعة دون المراجعة وفق الله الجميع
7
نهى العيسى
2007-07-04 18:46:23قال الله تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } *وليس عتيق!!
وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (64)
*لايجوز بتر الآية
تحياتي
8
بدر منصور
2007-07-04 15:51:12الله الله ابداع يا استاذ عبدالرحمن دائماً مبدع بكتاباتك ومواضيعك التي تستحق ان يقف لها الانسان احتراما
ليت الزمن يرجع بس.
اتمنى لك التوفيق لك ولاعمالك والشكر موصول لجريدتنا الرياض التي تعرف كيف تختار الأقلام
و لا يهونون بقيت الكتاب
bader.ok@gmail.com
9
فهد
2007-07-04 15:24:44من أروع الاغاني التي مرت على تاريخ الخليج
10
احمد
2007-07-04 14:12:31بالنبسة للبيت الي يقول ليتني طول عمري خاتم في يمينه..
للأضافة فقط / هناك فنانين غيروا كلمة خاتم الى ( دبلة ) و غيرهم الى ( بيزة )
وذكر بعض المتابعين للغناء الشعبي ان كلمة بيزة اقرب من خاتم او دبلة..
وذلك لان الخاتم يبقى فترة طويلة كذلك الدبلة..
والمذكور في سياق الشعر ان الحبيب تخلى عن محبه او فرقتهم الايام.. لذلك صور الحالة مثل البيزة لانها تبقى قترة بسيطة ثم تذهب من يده..
واكد البعض صحة هذه المعلومة لانه في نهاية القصيده ذكر انه يبلغ من العمر 14 سنة..
س/ مقام طاهر الاحسائي هل هو بيات ؟
وتقبل تحياتي واعجابي لمواضيعك..
11
أحمد التويجري
2007-07-04 13:10:27وصحائف الأعمال والملكان الموكلان بكتابة مايقوله ابن آدم ويعمله ويكتبه كل هذه تحفظ ويلقاها يوم لا ينفع مال ولا بنون فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله وهناك ميزان حسنات وسيئات فماذا تضع هذه الأعمال في الحسنات أو السيئات قال تعالى(مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيق)قال تعالى (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري ((ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف))نسأل الله السلامة والعافية وفق الله الجميع
12
م./ نواف بن سليم البيضاني
2007-07-04 12:58:59أستاذي الفاضل...
استمتعت كثيرا و أنا اقرأ مقالك الرائع حول أغنية لها في قلبي ذكريات عزيزة..
هذه الأغنية مثال صادق على تعلنا بالماضي الذي نعتقد أن كان اكثر حميمة و أكثر قربا إلى قلوبنا... رغم أننا لم نعشه... و لا شك أن تراثنا الفني الزاخر يحمل الكثير من دلالات الفنية والتاريخية والإجتماعية التي تستحق مثل هذه الوقفات الجميلة الوفية.
سلموا لي على اللي سم حالي فراقه أغنية و إن اختلفنا حول شاعرها إلا اننا نتفق على جمالها وعلى قربها من أسماعنا التي تطرب لها ولا تمل سماعها سواء من عبداللطيف الكويتي أم من بشير أم من غيرهم... ولا زالت تلقى رواجا واسعا لأسباب أعتقد أن منها سلاسة وعذوبة كلمات الإغنية، كذلك أن الإعنية تحمل زخما عاطفيا بالغا، و كذلك موضوع الإغنية و موضوع الفراق و الشوق ولوعاته و هو موضوع لا يزال يكرر نفسه و يفؤضها على آلاف العشاق المشهورين والمغمورين.. و كذلك فالشاعر ةفق في اختيار القافية و البحر و الكلمات السهلة الممتنعة..
ورد نقص في البيت ربما كان بسبب خطأ طباعي ألا وهو :
عقب ماهو نديمي صار شفافة
الله اقوى على اللي عشر وأربع سنيته.
و الصواب:
عقب ماهو نديمي صار شوفه شفافة
الله أقوى على اللي عشر وأربع سنينه.
أستاذي الفاضل حقا لقد أمتعتنا مع هذا الصباح الجميل بهذا الزخم الجمالي.. فلك مني كل التقدير والإمتنان..
تقبل تحياتي.