لم يعد مسمى (مملكة الإنسانية) لقباً يتداوله العامة بل أصبح لقباً يطلقه رؤساء دول وشعوب تقع في أقصى غرب أفريقيا وفي آسيا وأينما التقينا بمسؤول حكومي أو مسؤول في هيئة إغاثية عالمية يردد مسمى (مملكة الإنسانية) ويلحقها ب "السعود ية" للتأكيد على حجم المساعدات السعودية التي تقدمها لكل المحتاجين في جميع أنحاء العالم المتضرر من الزلازل والجفاف والحروب وفي مجاهل أفريقيا وبعيداً عن الإعلام المرئي والمقروء يرفع عمدة قرية بلدية السلام النائية والواقعة في جمهورية مالي وسط الكثبان الرملية الشاهقة يرفع يديه وهو يرى الوفد السعودي من قبل وزارة المالية والسفير الدولي لبرنامج الغذاء العالمي وهم يصلون إلى بلدته التي لا تتجاوز 50منزلاً بعد معاناة مع الطريق الصحراوي ليعلن وعلى مسامع أهل قريته قائلاً هذه مملكة الإنسانية (السعودية) يصل إليكم وفدها وقد وصلت مساعداتها إليكم قبل فترة لتحل الكثير من مشاكل الفقر والجوع والعطش ولتعيد أبناءكم إلى كرسي الدراسة من أجل وجبة مدرسية أعادت مملكة الإنسانية طلابنا للعلم بعد أن هجروه.

؟ بهذه الكلمات البسيطة من رجل بسيط يرتدي زي بدو الصحراء الغربية يثبت للعالم أن مملكة الإنسانية اسم على مسمى وليست زوبعة إعلامية بل حقيقة تشهدها بعينيك وتشهد عليها المنظمات الدولية والحكومات المستفيدة في آسيا، وأفريقيا القارة التي أعلن قادتها أن المملكة أكبر الدول الإسلامية دعماً لمحتاجيها ولمشاريعها التنموية وقالوا بصوت واحد المملكة تحتل المركز الأول بين الدول الإسلامية وبدون منازع وأعمالها الإنسانية نلمسها على الواقع ويستفيد منها ملايين الفقراء في قارة أفريقيا القارة التي تمثل ثقلاً إسلامياً وتعيش أوضاعاً مأسوية من مجاعة وتشرد وحرب وشح في الموارد ونفاذ لمياه الشرب وأمراض معدية وتنصير يستهدف أصحاب البشرة السمراء نجح إلى حد كبير لوجود منهجية مدروسة تجعل الناس الضعفاء والمحتاجين من المسلمين يتسابقون إلى النصرانية بعد أن غاب الدور الإغاثي العربي والإسلامي عن تلك القارة ما عدا عدد محدود من دول الخليج ومملكة الإنسانية التي جعلتهم يتمسكون بالإسلام ويفرحون وهم يرون المساعدات السعودية التي تساعدهم على الحد من الاستفادة من المساعدات المقدمة من الهيئات التنصيرية المدعومة من الغرب تحت ستار المساعدات وهناك فارق بين مساعدات المملكة من أجل الجميع وبدون تمييز عنصري وبين المساعدات التنصيرية التي جعلت دولاً تطرد منظمات إغاثية أوروبية من بلادها حتى تبقي على هوية أبنائها الإسلامية حتى وإن ماتوا من الجوع والعطش.. وتبقى الحاجة والفقراء عنصرين يقودان إلى التنصير والتصديق بما يقولونه ضد الإسلام.

وفي رحلة للوقوف على المساعدات السعودية المقدمة من مملكة الإنسانية إلى دول أفريقيا بقيمة 23مليون دولار عن طريق برنامج الغذاء العالمي والتي تتمثل في تأمين المواد الإغاثية العينية للمتضررين ومساعدتهم في إيجاد بنية تحتية تساعدهم على توفير لقمة العيش هذه المساعدات قدمتها المملكة للقرن الأفريقي ولشرق أفريقيا وخصصت 13مليون ريال لغرب أفريقيا استفادت منها دول السنغال، مالي، ليبيريا، موريتانيا، غينيا كوناكري، سيراليون، غانا، ساحل العاج، غينيا بيساو وتمثل نهاية المرحلة الثانية من المساعدات التي تشرف عليها وزارة المالية

وتوفد ممثليها للتأكد من وصول المساعدات لمستحقيها وعدم الاكتفاء بمبدأ الثقة بل الالتقاء بالحكومات والمستفيدين أنفسهم والاستماع اليهم ورفع التقارير عن مشاهداتهم ولقاءاتهم مع المستفيدين.

مالي المحطة الاولى

غادر الوفد السعودي للاشراف على المساعدات السعودية المقدمة من مملكة الإنسانية برئاسة مدير عام المصروفات بوزارة المالية الأستاذ محمد بن عبدالرحمن المقيطيب ويضم السفير الدولي لبرنامج الغذاء العالمي الأستاذ عبدالعزيز الركبان ومدير إدارة التعاون الدولي الانمائي بوزارة المالية الأستاذ صالح الرشيد وممثلي وزارة المالية الأستاذ إبراهيم الدريويش وعبدالله الزعاقي وأحمد السبت ويرافقهم وفد إعلامي يمثل القناة الاولى والثانية ووكالة الأنباء السعودية وجريدة (الرياض)الجريدة الوحيدة التي رشحتها وزارة المالية لمرافقتها تقديراً لما تقدمه (الرياض) من تغطيات للمساعدات السعودية على أرض الواقع وفي جميع الدول التي تدعمها مملكة الإنسانية طيلة السنوات الماضية.

وصلنا إلى دكار العاصمة السنغالية عن طريق جدة - الدار البيضاء لأن السنغال تتوسط دول غرب افريقيا لتكون الانطلاقة للدول المجاورة ورغم وصولنا متأخرين ومنهكين من طول الرحلة الا أننا غادرنا إلى مالي على طائرة مروحية أقلتنا من مطار دكار إلى مطار باماكو عاصمة مالي واستغرقت الرحلة 2.40ساعة ومن مطار باماكو اقلتنا إلى مدينة "تنبكتو" عاصمة الثقافة الإسلامية لاقليم افريقيا لعام 2006م والمدينة التاريخية التراثية التي تنافس على المراكز المتقدمة في منظمة اليونسكو لوجود آثار إسلامية وتاريخية تجاوزت مئات السنين ولنا عودة إلى مدينة تنبكتو وعلى سيارات رملية توجه الوفد إلى قرية بلدية السلام 50كم عن تنبكتو مع طرق صحراوية رملية وفي ظهيرة تجاوزت درجات الحرارة 40م وعلى طول المسافة تعود بك السنوات لتتذكر روايات الآباء والاجداد بدو رحّل يسوقون جمالهم وماشيتهم بحثاً عن المأكل والمشرب لندرة المياه وعلى صاحب الابل أو الماشية الانتظار لساعات حتى يصله الدور ويسقي بهائمه من خلال وسائل بدائية تتمثل في رفع المياه بالايدي أو من خلال الجمال وجمعها في حوض تتسابق عليه البهائم من شدة العطش، اما الأرض فهي أرض مقحلة الا من شجر السلم والحرمل وتنتشر مساكن البدو وهي عبارة عن عشش مغطاة بأقمشة بالية تمزقها الرياح بين فترة واخرى ويلجأون إلى وضع الكراتين واوراق الشجر بديلا حتى يبقون مكاناً للظل في صحراء حرارتها لاتقل عن 40م في الصيف وتحت الصفر في الشتاء، وهذا المشهد جعلنا ندعو الله أن يبقى علينا نعمة الأمن والرخاء وكم تمنينا أن تنظم رحلات سياحية لشبابنا لرؤية ماهية الفقر على حقيقته، الفقر الذي لم نشهد له مثيلاً حتى الحالات الإنسانية الفقيرة لدينا تعتبر غنية في تلك الدول حتى نعمة الماء افتقدوها واصبحت قطرة الماء تساوي قنطاراً وبها يحيا الإنسان وبدونها يموت وتموت أسرته وهناك من ماتوا بسبب الجفاف وبسبب الجوع وكل ما في غلتهم شيء من الدقيق لا يتجاوز الكيلو غرامات والذرة هي مأكلهم صباحاً وليلاً ولا وجبة غداء حتى لا يفقدون المخزون الغذائي، أما بقية متطلبات الحياة فمعدومة ومنها الملابس وترى نساءً ورجالاً وصغاراً عراة أو شبه عراة ومن أين يلبسون؟

قرية بلدية السلام

بيوت متناثرة تمثل قرية بلدية السلام التي كنا قصدناها لوجود مستودع لتوزيع المساعدات السعودية ومستوصف لمعالجة المرضى وهناك استقبلنا الأهالي وهم من العرب المستوطنة (الطوارق) بزيهم المشهور بالترحاب وهم يرددون أهلاً وسهلاً ولأول مرة يزورنا وفد عربي لتفقد أوضاعنا والاطمئنان على وصول المساعدات الاغاثية ونبشركم بوصولها الينا ولله الحمد والمنة والتي ساعدتنا على تحمل أعباء المعيشة ونتأمل أن نحصل على المزيد من الدول العربية لأننا عرب نتحدث العربية بطلاقة وتربطنا أواصر الدين واللغة والعادات وإذا لم يقف معنا اخواننا العرب كما وقفت معنا مملكة الإنسانية في هذه الظروف متى يقفون معنا بعد مماتنا؟!.

وبعد جولة شملت مستودع المساعدات السعودي والمستوصف الصحي اجتمع الوفد السعودي بعمدة ومسؤولي وأهالي بلدية السلام في مجلس شعبي متصدع .

المقيطيب - جئنا لتفقد وصول المساعدات

وتحدث مدير عام ادارة المصروفات بوزارة المالية رئيس الفريق المشرف على المساعدات الاستاذ محمد المقيطيب قائلاً زيارتنا لكم اليوم هي زيارة مودة ومحبة وتفقد لضمان وصول المساعدات السعودية الى مستحقيها وننقل لكم تحيات واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وتضامن المملكة مع حكومة وشعب (مالي) من اجل الرخاء ومن اجل الحق والعدل والمملكة ومالي تربطهما علاقات وطيدة وتعاون ومحبة وإلفة واتينا في اطار هذا التعاون من اجل دعمكم ودعم اخواننا المتضررين من الجفاف وقلة المخزون الغذائي ولقد تعاونا مع برنامج الغذاء العالمي من اجل ايصال تلك المساعدات لوعورة المنطقة وبعدها عن المناطق الحضارية والمملكة قدمت مليون وخمسمائة الف دولار لجمهورية مالي من المساعدات الاجمالية لدول غرب افريقيا ومقدارها 13مليون دولار وقامت المملكة بالاتفاق مع برنامج الغذاء العالمي من اجل توزيع تلك الموارد على المناطق المتضررة.

غداً (تنبكتو) عاصمة الثقافة الإسلامية.. الاحداث المهمة في التاريخ الالفي للمدينة.