مرض الربو من أكثر الأمراض انتشارا ونسبة الإصابة به بازدياد. وتتمثل معاناة المريض في تعرضه لأزمات صحية متكررة فضلا عن تأثيره السلبي على نوعية حياة المريض بسبب عدم قدرته على أداء مهام حياته اليومية وغيابه عن عمله إذا كان موظفا أو عن المدرسة إذا كان طالبا. وبذلك تكون أبعاد مرض الربو ليست صحية فقط بل اقتصادية بتحميل أي نظام صحي عبئا اقتصاديا كبيرا نظرا لكثرة الحالات التي تراجع المستشفيات والمراكز الصحية طلبا للعلاج والإسعاف للحالات الحادة.

وتعد البخاخات أهم أدوية الربو المستخدمة، وتتوافر بأنواع عديدة وكثيرة. لكن العناية بمرض الربو ليست أدوية فقط بل هي متعددة المراحل والمستويات وتصل إلى شراكة مترابطة بين المريض والعاملين في المجال الصحي للوصول إلى أفضل حالة صحية ممكنة. إن التوعية عن مرض الربو بمفهومها الشامل من أهم الجوانب التي لا تلقى حيزا كبيرا من الاهتمام، فعيادات الربو مثلا التي تقدم رعاية كاملة وشاملة بدلا من تقديم الوصفات فقط للمريض، لا توجد إلا في مراكز محدودة وأغلبها بجهود فردية.

ومع أن برنامج التثقيف والتوعية بمرض الربو يحتوي على معلومات محددة وبسيطة، إلا انتشار مرض الربو يتطلب جهودا كبيرة وواسعة من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص. فمرض الربو مرض مزمن عبارة عن التهاب غير جرثومي في القصبات الهوائية يؤدي إلى تضيق في تلك القصبات وظهور الأعراض. إن هذا التعريف المختصر يعد أساس الخطة العلاجية لمرض الربو. فلا بد أن ينتظم المريض على أدويته وبانتظام لتهبيط خلايا الحساسية حتى لو لم يشتكي المريض من أي أعراض. إن عدم الانتظام على علاج الربو يؤدي إلى تكرار أزمات الربو وما يؤدي ذلك إلى تبعات سلبية عديدة على المريض. وما يميز مرض الربو عن كثير من الأمراض أن أغلب أدوية الربو تعطى عن طريق البخاخ، ويتوافر في الصيدليات العديد من انواع البخاخات وهذا يتطلب جهدا مضاعفا من المريض والطبيب للتأكد من أن المريض يستخدم البخاخ بالطريقة السليمة. فكثير من الدراسات بينت أن نسبة عالية من المرضى لا يعرفون الطريقة السليمة للبخاخ. وهذا يضع مسؤولية كبيرة ومضاعفة على العاملين في القطاع الصحي للتأكد من أن العلاج يستخدم بالطريقة السليمة. الجانب التثقيفي الآخر المهم هو تطبيق خطة علاج الربو الذاتية التي تساهم بأن يتعامل المريض بشكل مبكر مع أزمات الربو قبل استفحالها، ويتم ذلك عبر بطاقة خاصة لكل مريض وتحتوي على تعليمات تعطى له تبين العلامات الأولية للأزمات وكيفية التعامل معها ومتى يطلب المريض المساعدة من طبيبه أو المبادرة بالذهاب للإسعاف.

إن تطبيق جوانب التوعية المذكورة سابقا ليس بالسهولة المتوقعة، فهي تتطلب العمل الجماعي المدعوم من الجهات المعنية على أكثر من محور. ويعد تثقيف العاملين في القطاع الصحي من أهم محاور أي خطة لزيادة الوعي ويكون ذلك عبر عقد الندوات والملتقيات للمهتمين بالربو لنقاش كافة الجوانب الطبية والاجتماعية والتنظيمية الخاصة بالمرض، وكذلك مناقشة أي مستجدات وتوصيات عالمية في هذه الفعاليات. وتشمل الجوانب التوعوية أيضا إعداد نشرات وكتيبات عن مرض الربو من قبل مختصين في المجال الطبي وبالتعاون مع المهتمين بالجوانب التوعوية بشكل عام. وللوصول إلى رؤية أشمل وأعم وللحصول على الدعم لتلك الفعاليات فلا بد من توافر إحصائيات وطنية تبين مدى انتشار المرض وتبعاته الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

ومع اقتراب اليوم العالمي للربو، نجد أن العديد من الفعاليات يتم تنظيمها للتوعية بمرض الربو هذه الأيام، إلا أن انتشار مرض الربو يتطلب فعاليات أشمل على مدى العام، فلقد بينت دراسة حديثة نشرت في المجلة الدورية للطب التنفسي والصادرة عن الجمعية السعودية لطب وجراحة الصدر، أن القيام بحملة توعية منظمة أدى إلى الانتظام على أدوية الربو بشكل أفضل وما تبع ذلك من تحكم أفضل بمرض الربو. وهذا يدعم الدعوة إلى أن تكون جهود التوعية بمرض واسع الانتشار أكثر شمولا وانتظاما عبر آليات تضمن لها الاستمرار.

استشاري الأمراض الصدرية

مدينة الملك عبدالعزيز الطبية