قبل شروعي في كتابة موضوع "سالم الحويل:تحت أطلال الألفية " الذي نشر قبل شهر من الآن ،حاولت الاتصال بالفنان الشعبي الكبير سالم الحويل مستخدما في سبيل ذلك كل الوسائل المتاحة وبعد جهد كبير شاءت الأقدار أن أجد ذلك الهرم الشعبي وألتقيه في بيته بعد تنسيق مع أسرته، حينما دخلت ذلك البيت الشعبي المتهالك الذي لا تتجاوز مساحته"60م2"وجدته على سرير رديء،سالم المقعد الذي لا تتحرك إلا أجزاءه العلوية وبصعوبة وجدته فرحاً بهذه الزيارة يقول:"لم يسال عني احد منذ عشرات السنين"،بالفعل ما وجدته لا يمكن تخيله هذا الهرم الشعبي قد شاب يطلب العون والمساعدة لحاله ولحال أبنائه الصغار،حياته الاجتماعية والصحية والمالية مؤسفة جداً.

سالم الحويل الذي لم يسأل عنه احد..!!

فنان قديم أعطى كل ماعنده ليصبح هذا الفن جزءا من الموروث المرتبط في أعماق الأرض وذائقتها الفنية،الفنان سالم الحويل الذي ولد عام 1355ه قضى معظم حياته في تقديم الفن الشعبي المؤدب وخلاصة الانتقاء في القصائد الرائعة التي مازالت حديث المجتمع الخليجي..

للأسف الشديد؟! سالم الحويل الذي قضى عشر سنين طريحاً على فراش المرض لا يتحرك أوجاع جسدية وأوجاع حياتية لا يعلمها إلا الله،هو الذي قال في احد أغانيه" يالله إني طالبك يا مستجيب"..

الحويل الذي يتوجع من الآلام الجسدية"ثلاثة كسور في رجليه وعمليات أخرى أجريت في ظهره" أقعدته طريح الفراش قرابة العشر سنين لم يسأل عنه احد أو يفتقده طيلة هذا الوقت العصيب..

حينما يبكي الكبار من جراء الحياة المملة وهو يتنقل من منزل إلى آخر بغية استئجار منزل اقل قيمة مادية من الذي قبله لعله يدخر شيئا من تقاعده" 1700ريال" لعائلته،يقول سالم الحويل:أتمنى أن ينظر إلي الناس بعين الرحمة والشفقة فانا طريح الفراش وعاجز عن الحركة،حتى أن الجمعيات الخيرية لم تقدم لي شيئا،والشؤون الاجتماعية حرمتني من السيارة التي أهداها مولاي خادم الحرمين الشريفين للعاجزين مع العلم أن معاملتي انتهت منذ زمن وأنا انتظر الفرج فقد قلت حيلتي..

حين زيارتي له وجدته طريح الفراش لا يقدر على الحركة في مجلس قد لا يتسع إلا لسرير غلب عليه الدهر وشاب، هناك غطى الحزن زوايا مجلسة الصغير فأي تكريم هذا..!!

الحويل الذي كان الأغلى سعراً في الوطن العربي قبل أربعين عاماً بعد بيع اسطواناته" 200ريال" هاهو الآن يبكي حظه وقلة حيلته في وفاء الناس إليه وتذكر أيامه الجميلة حينما كان يبهجهم بإصدار أجمل الأغاني الاجتماعية التي حملت الحكمة والبصر بعيوب المجتمع في وقت تدنى الوعي،أنها كانت محاولة لكشف سلبيات المجتمع من خلال نقده و طرح مشكلة التمييز والإبداع في الوصف العام! هي خلاصة ذكريات مازالت باقية وأطلالها عبر كلمات ومصطلحات شعبية كلاسيكية مازال يرددها إلى الآن.

بعد خروجي من بيته "الإيجار" الصغير جدا قلت بحرقة؟بان الفن في الخليج العربي مهما كان نجمه وصيته ربما يرمى في مزبلة التاريخ..؟!

هناك أسف شديد على تلك الحالة المأساوية التي يمر بها الفنان المعتزل قبل خمسة عشر عاماً سالم بن حمد بن عثمان الحويل الذي يستحق المساعدة والشفقة بعد أن أثرى الساحة الشعبية وقدم خلاصة الموروث الكلاسيكي للأغنية السعودية..

الحويل الذي لبس البشت القديم احتفاء بنا قال:"ان الطيبين وأهل الخير مازالوا موجودين فانا انتظرهم بفارغ الصبر لان معاناتي صعبة جدا واحتاج لمساعدتهم ووقوفهم معي سواء صحياً في معالجتي أو ماليا لتعيش أسرتي".هذا بعض مما قاله لنا سالم الحويل أما الجزء الأكبر من كلامه فسينشر خلال الأيام القادمة في لقاء خاص عبر ثقافة اليوم يتحدث فيه عن تاريخه الفني العميق وآرائه في الساحة الفنية سوءا السابقة أو الحالية.