قال المفضل: إن أول من قال ذلك خالد بن الوليد لما بعث إليه أبو بكر رضي الله عنهما وهو باليمامة: أن سر إلى العراق، فأراد سلوك المفازة، فقال له رافع الطائي: قد سلكتها في الجاهلية، وهي خمس للإبل الواردة، ولا أظنك تقدر عليها لا أن تحمل من الماء، ثم سقاها الماء حتى رويت، ثم كتبها وكعم أفواها، ثم سلك المفازة حتى إذا مضى يومان وخاف العطش على الناس والخيل، وخشي أن يذهب ما في بطون الإبل نحر الإبل واستخرج ما في بطونها من الماء، ومضى، فلما كان في الليلة الرابعة قال رافع: أنظروا هل ترون سدراً عظاماً؟ فإن رأيتموها وإلا فهو الهلاك، فنظر الناس فرأوا السدر، فأخبروه، فكبر، وكبر الناس، ثم هجموا على الماء، فقال خالد:

لله در رافع أني اهتدى

فوز من قراقر إلى سوى

خمساً ذا سار به الجيش بكى

ما سارها من قبله أنس يرى

عند الصباح يحمد القوم السرى

وتنجلي عنهم غيابات الكرى

بضرب للرجل يحتمل الشقة رجاء الراحة.