حيوان في الصحراء يعيش في عزلة، هذه العزلة جزء من مهام وجوده، لا يأنس مع غيره فعاش في وحشة، لكنه مع الوقت فرض نفسه على الناس وقبلوه برضا منهم، عاش معهم معاناة الجوع والجفاف تقاسم معهم الصراع من اجل البقاء. هذا الحيوان هو (الذئب) واحد السباع، تتنافر وتتعارض في الظاهر مصالحه مع مصالح الإنسان، فما يريده لسد جوعه يرفضه الإنسان لأن وجبته الشهية اما الإنسان نفسه او سيأخذ من اغنامه ومواشيه اي انه يضر بمصالح هذا فالغنيمة من ذاك خسارة لهذا.
هذا الحيوان من اكثر الحيوانات المفترسة يقظة، فهو قليل النوم كثير الانتباه، شديد الحذر حريص على انتهاز الفرص لصالحه، هو اقرب خطر للرعاة في الصحراء، وهو الذي يتحين فرصة لانقضاض على اغنام اهل المزارع والقرى.
ارتبطت صفاته بثقافتهم لقربه منهم، وصار معلوماً لدى الجميع، فلا يكاد يجهله احد، بل اعجبوا بكثير من خصاله وان كان بعضها لا يروق لهم، لكنه فرض نفسه عليهم، واعترفوا به برضاهم.
تسموا باسمه (سرحان، ذيب، سبع) يريدون من تلك التسميات الاعتراف به رغم عدائه لهم وعدائهم له، كما دخلت بعض خصاله في امثالهم واقوالهم، فقالوا:
(الذيب ما يهرول عبث) يعنون كل حريص يسعى من اجل مصلحته وقالو: (نوم ذيب) كما قالوا: (ما يهتني بالنوم سرحان ذيبي) وقالوا: (جاك الذيب جاك وليده) يعني تتابع الخطر والخوف ولزوم الحذر.
وتوصلوا في النهاية الى حالة من الوفاق التام، لكن هذا لا يعني توقف الحرب رغم هذا الوفاق الظاهر، بل استمر العداء وبقي وهو يدري عن مواقف الناس تجاهه.
ضمن الشعراء قصائدهم شيئاً عن الذئب اما حزناً في عوائه، او يقظته وانتباهه، او جرأته واقدامه، او بعض صفاته.
يقول الشاعر:
ياذيب ياللي هاضني بعواه
وش بك على عيني تبكيها
ولعبدالعزيز أبانمي قصيدة مطلعها:
هيض القلب تالي الليل سبع عوى
يوم شرف على المرحان جاب الونين
قام يقنب بصوته بايت القوى
ما درى وين شدوا والعرب راحلين
وللشاعر (مبيلش):
ذيب ياللي بخشم طويق جيعاني
جك الارزاق وجرك للعوى خله
جر صوتك لذيب كباد وهداني
والوعد مركز البيرق الى فله
ولشاعر شعبي آخر قوله:
تخاويت انا والذيب سرعان
دعيته بأمان الله وجاني
والقصائد في هذا الشأن تطول وتتعدى، لكن ليس المهم هنا ايرادها بقدر ما يهم ايراد بعض الشواهد منها كأمثلة.
وخلاصة القول في هذا ان هذا الحيوان الشرس في الصحراء القاحلة الفارغة من الغذاء الممتدة بلا نهاية تعايش مع طبيعتها ومع ساكنيها وقدم اوراق قبلوه لكل اعدائه من البشر فقبلوه رغم كرهه وتعايشوا معه رغم غدره، ورأوا فيه خصالاً اعجبتهم وربما افتخروا به فهل يكون الحيوان المحظوظ ام الحيوان المقبول المرفوض؟.
1
عبدالله بن صالح
2007-02-15 16:33:58الموضوع جميل
قرأته ولاحظت وجود خطأ
هنا
يقول الشاعر:
ياذيب ياللي هاضني بعواه
وش بك على عيني تبكيها
وللتصحيح
ياذيب ياللي هاضني بعواه ,,, قبلك وانا عن صاحبي سالي
والبيت الذي ورد هكذا تصحيحه
( ياذا الحمام اللي سجع بلحون ,,, وش بك على عيني تبكيها )