ليس سراً ان يقال ان ارض المملكة العربية السعودية تحتوي على العديد من الثروات المعدنية يمكن استغلالها في تطوير المناطق التي تحتويها هذه المعادن اقتصادياً وتطوير الاقتصاد السعودي بشكل عام، وتنمية هذه الثروات المعدنية والاستفادة منها هو احد الاهداف المشار اليها في خطة التنمية السابعة (1421-1425هـ) وذلك من اجل تخفيف اعتماد الاقتصاد السعودي على البترول كمصدر وحيد للدخل الوطني، اضافة الى ما يشكله تطوير قطاع المعادن من استغلال هذه الخامات المعدنية لبناء صناعات وطنية مختلفة، ولذلك تمحورت استراتيجية وزارة البترول والثروة المعندية على اربعة مسارات، الاول وهو انشاء شركة التعدين العربية السعودية الذي تم عام (1417هـ)، والثاني هو انشاء هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الذي تم عام (1420هـ)، والثالث هو توفير الغاز الطبيعي للمناطق الصناعية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، اما المسار الرابع فقد تناول اعادة بلورة اهداف وكالة الوزارة لشؤون التعدين لتتلاءم مع المرحلة القادمة وعمل الدراسات اللازمة لمتابعة تطور قطاع التعدين وعرضها على القطاع الخاص المحلي والعالمي، ومن ذلك ايضاً صدور قرار مجلس الوزراء رقم (56) وتاريخ 1424/3/4خاصة الفقرات المتعلقة بسكة حديد الشمال الجنوب، ولعل من الاجراءات التي قامت بها وزارة البترول والثروة المعدنية لدعم الاهتمام بقطاع الثروة المعدنية هو العمل على تطوير نظام التعدين الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 1392/5/20هـ ليتماشى مع التطورات التي حدثت محلياً وعالمياً ولجذب المستثمرين لهذا المجال.

تحتوي ارض المملكة على العديد من المعادن ولعل من اهم الاستثمارات التعدينية القائمة منذ زمن طويل هما مشروع منجم مهد الذهب ومشروع منجم الذهب بالصخييرات، وتشير الدراسات التي اجرتها وزارة البترول والثروة المعدنية الى وجود مخزون ضخم من المعادن المختلفة في ارض المملكة ومنها معدنا الذهب والفضة في مشروع منجم الحجار بمنطقة عسير، ومنجم الآمار الذي يحتوي على كميات من السلفايد المحتوي للذهب وكذلك معدنا الزنك والنحاس، وهناك منجم ضرغط لانتاج المغنزايت المنصهر بالقرب من حائل، وكذلك منجم منطقة الزبيرة الذي يستخدم لاستخراج معدن البوكسايت الذي تعتمد عليه مصانع الالمنيوم، وهناك منجم جبل صايد للنحاس وكذلك منجم الزنك في الخنيقية، وتقع الثروة المعدنية بشكل مكثف في منطقة الجلاميد شمال المملكة حيث يوجد الفوسفات بوفرة، ويعتقد انه عند اكتمال دراسات الجدوى الاقتصادية والتي من ضمنها انشاء خط حديدي ان يصبح منجم الجلاميد مصدراً مهماً للتصدير، وعند بلوغ انتاج هذا المنجم طاقته الرئيسية تتوقع الدراسات الاقتصادية ان تصبح المملكة العربية السعودية من كبار منتجي الفوسفات في العالم، حيث يبلغ الاحتياطي المتوفر ما يقارب من (110) مليون طن الامر الذي يمكن معه استثمار هذا المنجم لمدة (50) سنة قادمة بمعايير تصديرية عالية، وتشرف حالياً على هذه المناجم شركة التعدين العربية السعودية (معادن) التي صدر الامر بتأسيسها بموجب المرسوم الملكي رقم (م/17) الصادر في 1417/11/14هـ..

ويعتبر انشاء شركة (معادن) خطوة رئيسية في سبيل استثمار المعادن في المملكة حيث ستتولى الاشراف على استغلال المناجم التعديينة القائمة والبحث عن استثمارات تعدينية اخرى في ارض هذا الوطن الكريم، ويحكم عمل هذه الشركة في مجال المعادن فإن البدايات تكون عادة صعبة وتحتاج لسنوات طويلة من اجل قطف النتائج الاستثمارية، ويجب ان اشير الى هدف ايجابي اخر مهم من انشاء هذه الشركة نراه يتحقق حالياً وهو ادخال العناصر السعودية في مجال ادارة الصناعات التعدينية حيث تضم الشركة حالياً افضل الكفاءات السعودية التي بدأت تتعلم كيفية ادارة الاستثمارات التعدينية، مثلما تم في قطاع البترول الذي يفخر حالياً بالكفاءات السعودية التي تدير اكبر شركة نفط في العالم وهي شركة ارامكو السعودية.

ويبقي هنا ان اشير الى ان صدور نظام الاستثمار وحوافزه الضريبية، ونظام ضريبة الدخل الذي اقره مجلس الشورى مؤخرا، وكذلك صدور نظام جديد للتعدين، وانشاء خط سكة حديدي يربط المناجم في شمال المملكة بموانئ الساحل الشرقي سيؤدي الى توفير تأثيرات ايجابية على نشاط شركة التعدين العربية السعودية وعلى قطاع الاستثمار التعديني بشكل خاص، وعلى قطاع الصناعات المعدنية التحويلية والنهائية بشكل عام.