سُمع دوي انفجارات في سماء تل أبيب والقدس المحتلة مع دوي صفارات الإنذار مساء اليوم الجمعة في أنحاء إسرائيل في أعقاب ما قال المتحدث العسكري إنه إطلاق صواريخ من إيران.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) إن مئات الصواريخ الباليستية أُطلقت ردا على أكبر هجمات إسرائيلية على إيران على الإطلاق، حيث قصفت إسرائيل الموقع النووي الإيراني الضخم تحت الأرض في نطنز وقتلت كبار القادة العسكريين.

وأعلن جهاز الإسعاف الإسرائيلي الجمعة إصابة 34 شخصا على الأقل، بينهم امرأة بحال حرجة، بعد أن أطلقت إيران عشرات الصواريخ على إسرائيل.

وأعلن جهاز الإسعاف الإسرائيلي أنه "تلقى في هذا المساء تقارير تفيد بوقوع إصابات بعد ضربات صاروخية في منطة غوش دان". وتابع "هرعت طواقم عدة لنجمة داود الحمراء على الفور... وقدّمت رعاية طبية منقذة للحياة ونقلت 34 مصابا إلى المستشفيات".

وقالت إسرائيل إن الضربات هي بداية عملية "الأسد الصاعد". واتهم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إسرائيل ببدء الهجوم وإشعال الحرب.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الأوان لم يفت بعد أمام طهران لوقف حملة القصف من خلال التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.

ومع حلول مساء اليوم، أفادت وسائل إعلام إيرانية بوقوع انفجارات في الضواحي الشمالية والجنوبية لطهران وفي فوردو قرب مدينة قم المقدسة، وهو موقع نووي ثان كان نجا من الموجة الأولى من الهجمات.

وتم تفعيل الدفاعات الجوية في أنحاء طهران وسُمع دوي انفجارات في أصفهان.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، وقصف أيضا موقعا نوويا آخر في أصفهان.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحملة الإسرائيلية تهدف إلى دحر تهديد وجودي من إيران.

وقال في خطاب تلفزيوني إن العملية الإسرائيلية "ستستمر لأيام عديدة لإزالة هذا التهديد". وأضاف "بعد أجيال من الآن، سيسجل التاريخ أن جيلنا صمد في مكانه وتصرف في الوقت المناسب وضمن مستقبلنا المشترك".

وفي مقابلة عبر الهاتف مع رويترز، قال ترامب إن من غير الواضح ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني ما زال موجودا. وقال إن المحادثات النووية بين طهران والولايات المتحدة، التي كان من المقرر إجراؤها يوم الأحد، لا تزال على جدول الأعمال على الرغم من أنه غير متأكد مما إذا كانت ستجري.

وقال ترامب عن خطط الهجوم الإسرائيلي "كنا على علم بكل شيء".

وأضاف "حاولت جاهدا إنقاذ إيران من الإذلال والموت. حاولت جاهدا إنقاذهم لأنني كنت أود أن ننجح في التوصل إلى اتفاق".

وتابع "لا يزال بإمكانهم إبرام اتفاق، لم يفت الأوان بعد".

وفي وقت سابق، نشر ترامب على منصة (تروث سوشيال) "يجب على إيران أن تبرم اتفاقا، قبل أن لا يبقى شيء".

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي إن العمل العسكري في حد ذاته لن يدمر برنامج إيران النووي، لكنه قد "يهيئ الظروف لصفقة طويلة الأمد، بقيادة الولايات المتحدة" للتخلص منه.

تصفية القادة

أفاد مصدران في المنطقة بمقتل ما لا يقل عن 20 قائدا كبيرا، في عملية لتصفية قادة الصف الأول تشبه الهجمات الإسرائيلية العام الماضي التي قضت بسرعة على قيادة جماعة حزب الله اللبنانية التي كانت مرهوبة الجانب فيما سبق. وقالت إيران أيضا إن ستة من كبار علمائها النوويين قتلوا.

ومن الجنرالات الذين قتلوا اليوم رئيس أركان القوات المسلحة الميجر جنرال محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي.

وتوعد الميجر جنرال محمد باكبور، الذي تمت ترقيته سريعا ليحل محل سلامي قائدا للحرس الثوري، بالانتقام في رسالة إلى الزعيم الأعلى قرئت في التلفزيون الرسمي "ستُفتح أبواب الجحيم أمام النظام قاتل الأطفال".

ووصف الإيرانيون أجواء الخوف والغضب التي سادت في الشارع، إذ سارع بعض الناس إلى تغيير العملة وسعى آخرون إلى الخروج من البلاد إلى بر الأمان.

وقالت مرزية (39 عاما) التي استيقظت على دوي انفجار في نطنز "هرع الناس في الشارع الذي أسكن فيه من منازلهم في حالة من الذعر، كنا جميعا مذعورين".

وفي حين كان بعض الإيرانيين يأملون في أن يؤدي الهجوم إلى تغييرات في القيادة الدينية المتشددة في إيران، تعهد آخرون بالوقوف خلف السلطات.

وقال علي العضو في ميليشيا الباسيج الموالية للحكومة في قم "سأقاتل وأموت من أجل حقنا في برنامج نووي. لا يمكن لإسرائيل وحليفتها أمريكا أن تسلبنا هذا الحق بهذه الهجمات".

وعرضت وسائل إعلام إيرانية صورا لمجمعات سكنية مدمرة، وقالت إن ما يقرب من 80 مدنيا قُتلوا في الهجمات التي استهدفت علماء ذرة في أماكن إقامتهم وأصابت أكثر من 300 شخص.

وتراجعت قدرة إيران على الرد بالأسلحة التي يطلقها حلفاؤها الإقليميون بشكل حاد خلال العام الماضي، مع سقوط حليفها بشار الأسد في سوريا وتدمير جماعة حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.

وقالت إسرائيل إن صاروخا أُطلق من اليمن، الذي تعتبر جماعة الحوثي الموجودة فيه إحدى آخر الجماعات المتحالفة مع إيران التي لا تزال قادرة على إطلاق النار على إسرائيل. وأضافت أن الصاروخ سقط في الخليل في الضفة الغربية المحتلة. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن ثلاثة أطفال فلسطينيين أصيبوا بشظايا هناك.

أعمال "جبانة"

قالت إسرائيل إن إيران أطلقت نحو 100 طائرة مسيرة صوب إسرائيل اليوم، لكن إيران نفت ذلك ولم ترد تقارير عن وصول طائرات مسيرة إلى أهداف إسرائيلية.

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم بناء على طلب طهران. وقالت إيران في رسالة إلى المجلس إنها سترد بشكل حاسم ومتناسب على الأعمال الإسرائيلية "غير القانونية" و"الجبانة".

وقفزت أسعار النفط بفعل مخاوف من شن هجمات انتقامية في المنطقة الغنية بالنفط، إلا أنه لم ترد تقارير عن تضرر منشآت إنتاج النفط وتخزينه. وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن التصعيد بين إسرائيل وإيران لا يبرر أي تغييرات فورية في إمدادات النفط.

وقال مصدر أمني إسرائيلي إن قوات خاصة من جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) عملت في العمق الإيراني قبل الهجوم، وإن الموساد والجيش نفذا أيضا سلسلة من العمليات السرية على ترسانة إيران الصاروخية.

وأضاف المصدر أن إسرائيل أقامت أيضا قاعدة هجوم بطائرات مسيرة قرب طهران. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف الدفاعات الجوية الإيرانية ودمر "عشرات من أجهزة الرادار وقاذفات صواريخ سطح-جو".

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل أن يتضح حجم الأضرار التي لحقت بالموقع النووي تحت الأرض في نطنز حيث تخصب إيران اليورانيوم إلى مستويات لطالما قالت الدول الغربية إنها مناسبة لصنع قنبلة وليس للاستخدام المدني.

ولطالما أصرت إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط. وخلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة حظر نشر الأسلحة النووية العالمية.

وكانت طهران انخرطت في محادثات مع إدارة ترامب بشأن اتفاق للحد من برنامجها النووي ليحل محل الاتفاق الذي تخلى عنه ترامب في 2018. وكانت طهران رفضت أحدث عرض أمريكي.

وقد شنت إسرائيل سلسلة من الضربات على أنحاء إيران اليوم الجمعة وقالت إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ وقتلت عددا كبيرا من القادة العسكريين فيما قد تكون عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي.

وأفاد موقع نورنيوز الإيراني للأنباء بأن 78 شخصا قتلوا وأصيب 329 آخرون في هجمات إسرائيلية على مناطق سكنية في طهران اليوم.

أسقطت إيران طائرتين عسكريتين إسرائيليتين كانتا تحلقان فوق أراضيها الجمعة، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا).

وقالت الوكالة "أسقطت مقاتلتان إسرائيليتان على الأقل في الأجواء الإيرانية"، من دون أن تقدم مؤشرات فورية بشأن المكان الذي أسقطت فيه الدفاعات الجوية الطائرتين.