بقدر الثقل الديني والاقتصادي الذي تتمتع به المملكة في الأوساط الإقليمية والعالمية، بات للرياض ثقل سياسي لا يُستهان به، يؤهلها للمشاركة الفاعلة في صناعة القرار السياسي، من خلال دبلوماسية هادئة وحكيمة، وعلاقات وثيقة ومتشعبة، يقودها ببراعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مستنيراً بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - لإعادة صياغة مشهد جديد لبلادنا، تحت مظلة رؤية 2030.

وإذا كانت المملكة على مدى عقود مضت، تلعب دوراً سياسياً مهماً في إدارة الشؤون الإقليمية والعربية، ها هي اليوم، تحظى بتأثير واسع النطاق في رسم المشهد السياسي العالمي، من خلال تفعيل مبادئ الحق والعدل والشفافية، التي رسخت الثقة العالمية في المملكة وقادتها، الأمر الذي يساعدها على لعب أدوار الوساطة والتحكيم والتفاوض والإقناع بكفاءة عالية، وتجسد هذا المشهد بوضوح مرات عدة خلال سنوات الرؤية، كان آخرها نجاح الرياض في رفع العقوبات الأمريكية على دولة سوريا الشقيقة، في خطوة تضع دمشق على بداية طريق التنمية والازدهار.

جهود سمو ولي العهد في الملف السوري، لم تقف عند رفع العقوبات الأمريكية فحسب، وإنما نجحت أيضاً في استضافة اجتماع ثلاثي، ضم سموه، بجانب الرئيسين الأمريكي والسوري، في مشهد شد انتباه العالم، وعكس قدرات المملكة الاستثنائية في رسم ملامح الخريطة السياسية العالمية، كما أن الاجتماع يأتي استكمالاً لمبادرات الرياض المستمرة والتاريخية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، والتأكيد على وحدة أراضيها واستقلالها.

ولم يكن غريباً أن يتوقف العالم كثيراً أمام مشهد سمو ولي العهد، وهو فرحٌ ومسرورٌ بعد رفع العقوبات عن سوريا، أثناء زيارة الرئيس الأمريكي ترمب للرياض، واتفقت آراء الساسة والمتخصصين على أن المملكة باتت لاعباً مؤثراً في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، ليس لسبب سوى أن سياستها الخارجية تعتمد على تعزيز الشراكات الإقليمية والعالمية، من خلال عضويتها في الكثير من المنتديات والقمم والمجالس، كما تقوم بتشكيل تحالفات، للتعاون في الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية، مما يعزز قوتها وتأثيرها في المنطقة والعالم، فضلاً عن قدرتها الفائقة على إدارة القضايا الإقليمية والدولية، والخروج بنتائج يرضى بها جميع الأطراف.

وإذا كان قرار رفع العقوبات عن سوريا، أثلج صدور الملايين حول العالم، فإنه منح الأمل والتفاؤل للشعب السوري، الذي عبر عن تقديره واحترامه الشديدين لوساطة سمو ولي العهد، وعلى مساعيه الحميدة للتخفيف مما يعانيه السوريون، وأكدوا أن هذه الخطوة تسهم في تعزيز أمن واستقرار بلادهم، وإنجاح العملية الانتقالية، ودعم حكومة الشرع في التصدي لما تواجهه من تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية.