عندما راهنت المملكة على قدرة رؤية 2030، في بناء اقتصاد قوي، يرتكن على ميزة تنويع مصادر الدخل، مع تقليل الاعتماد على دخل النفط المتذبذب، ﺑﺎدرت إﻟﻰ ﺗخصيص ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ من أراضيها، ﺗﺼﻞ إﻟﻰ آﻻف اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮات اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ، تبني فوقها ﻣﺪناً ذﻛﻴﺔ، توفر لسكانها السعادة والأجواء الملائمة للعيش المستقر، والتحفيز على العمل والإنتاح، وهو ما يعزز تطلعات الرؤية باﻟﺘﻮﺳﻊ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ، وﺗﻮﻟﻴﺪ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة لأبناء الوطن، وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، وابتكار أفكار لدعم الاقتصاد الوطني.

ولأن ظاهرة الهجرة من القرى إلى المدن مستمرة بوتيرة سريعة في جميع أنحاء العالم، توقع تقرير أممي بمناسبة اليوم العالمي للمدن، الذي يُصادف 31 أكتوبر من كل عام، أن يقفز عدد سكان العالم من7.7 مليارات نسمة حالياً، إلى 9.7 مليارات شخص في عام 2050، على أن يصل العدد إلى 11 مليار نسمة بنهاية القرن الحالي، تستهدف نسبة كبيرة منهم استيطان المناطق الحضرية.

الهجرة نحو المدن، دفع الأمم المتحدة، إلى مطالبة الدول كافة، بالتوسع في تشييد مناطق حضرية بمواصفات حديثة، توفر الطاقة، وتقلل من هدر الموارد، مع انتهاج أساليب مبتكرة في محاربة الانبعاثات الكربونية، وتفعيل استخدام السيارات الكهربائية، وإنشاء محطات لشحنها في كل مكان، وتطوير نظم إدارة النفايات والمياه، وشبكات الكهرباء الذكية، والمسارات الخاصة للمشي والدراجات الهوائية، والمباني التي تحقق كفاءة الطاقة، وتقنيات التدفئة والتبريد والإنارة الجديدة، واستخدام النفايات في إنتاج مواد البناء، فضلاً عن تحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، وتنفيذ خطة التوسع الحضري وفق رؤية استراتيجية طويلة المدى.

ما يلفت الأنظار إلى هذا المشهد، أن المملكة استبقت دعوة الأمم المتحدة في هذا الاتجاه، وأسست مدناً ذكية ومتطورة تخاطب بها المستقبل، وتتجاوز في مواصفاتها الفنية، كل ما أدرجته الأمم المتحدة من مواصفات، ويتجلى هذا في المزايا الكثيرة والمتنوعة التي كشفت عنها المملكة، بالتزامن مع الإعلان عن إنشاء مدن نيوم، وذا لاين، وأوكساجون، ومشروع البحر الأحمر.

المدن الذكية السعودية الجديدة، تدشن عهداً جديداً، يرتكز على تفعيل فكرة «المدن الاقتصادية»، تلك الفكرة التي نفذتها الدول الصناعية الكبرى، وحققت من ورائها نجاحات لا حصر لها، ها هي المملكة تحاكي الفكرة ذاتها، ولكن بمزايا ولمسات عصرية جديدة، ينتظر أن تحقق كل تطلعات الرؤية ببناء وطن قوي ومتطور ومتنامٍ.