شهدت أمسية يوم الاثنين، في اثنينية الشيخ حمود الذييب، تقديم الأستاذ عبدالله الحسني ورقة فكرية بعنوان "شبكات التواصل.. حقيقة أم لعبة مخادعة وانتشاء بالوهم؟"، حيث ناقش المتحدث الأثر الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية، وأثرها في تشكيل هوياتنا وتواصلنا مع العالم.

بدأت الورقة بلمحة تاريخية عن الاثنينية التي تمثل معلمًا ثقافيًا في المشهد السعودي، حيث ساهمت على مدار عقود في تعزيز الحوار الفكري وتقديم مساحة للنقاشات المثمرة بين المثقفين والمفكرين. وأشار المتحدث إلى أن اثنينية الذييب لم تكن مجرد لقاءات اجتماعية، بل جسراً ثقافياً يجمع بين الأجيال، ويعزز من قيم الحوار والتنوير.

تطرقت الورقة إلى موضوع التواصل الإنساني، وكيف تحول مع ظهور الإنترنت إلى فضاء افتراضي يسوده التفاعل السريع والمشاعر السطحية، حيث أضحت الهوية الشخصية مرهونة بالتكنولوجيا. وأوضح المتحدث أن الشبكات الاجتماعية لعبت دورًا مزدوجًا؛ فهي قدّمت أدوات جديدة للتعبير والتواصل، لكنها في الوقت ذاته خلقت واقعًا وهميًا يعيش فيه الأفراد داخل عوالمهم الافتراضية التي تعج بالصور المثالية والإنجازات الزائفة.

كما ناقش المتحدث التأثير الاجتماعي والثقافي لهذه الشبكات، مبينًا أن حرية التعبير في الفضاء الرقمي قد تروّج لتدمير القيم الأصيلة، وتفتح المجال لنقد قائم على الكراهية والتفرقة الاجتماعية. كما أكد على أن هذا الفضاء بات يشكل ساحة لإطلاق الأحكام الذاتية على الآخرين، وهو ما ينعكس سلبًا على النسيج الاجتماعي.

كما لفت الحسني إلى ما تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي من دور في تعزيز الهويات الرقمية على حساب الهويات الحقيقية؛ إذ يرى أنه أصبح المستخدم يبني "شخصية رقمية" تناسب ما يريده الآخرون رؤيته. ففي كثير من الأحيان، نجد الأفراد يشاركون لحظات حياتهم المثالية ويخفون تجاربهم الصعبة أو المشاعر الحقيقية التي لا تتماشى مع الصورة المثالية التي يحاولون رسمها.

وفي ختام الورقة، تساءل المتحدث عن الثمن الذي ندفعه في مقابل هذا الانغماس في المثالية الرقمية، داعياً إلى ضرورة التفكير العميق في مدى تأثير هذه الأدوات على واقعنا النفسي والاجتماعي، وهل نعيش حياة حقيقية أم أننا نحتفي بوهمٍ جماعي نتشاركه جميعًا؟

كانت الورقة إضافة فكرية غنية للنقاشات في اثنينية الذييب، حيث تناولت إحدى أبرز قضايا العصر الرقمي برؤية نقدية عميقة، ما أثار حوارات مثمرة بين الحضور الذين تفاعلوا مع الموضوع بآراء متنوعة وأفكار نقدية بناءة.

الشيخ حمود الذييب ودرع تذكاري للحسني
جانب من الحضور