عند الحديث عن البطالة وعن السعودة وعن التوظيف وعن الوظائف تأتي وزارة الخدمة المدنية في مقدمة الجهات الحكومية المعنية كثيراً بهذا الموضوع وبدرجة أكثر من غيرها وذلك لعدة أسباب مختلفة فلماذا هذه الوزارة وما هو دورها وهل نجحت في مسؤوليتها؟

وخلال السنوات الأخيرة حملت هذه الوزارة مسؤوليات كثيرة جداً في قضية الوظيفة والتوظيف هذه القضية التي أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع في كل مكان وفي كل وقت ومازالت المسؤولية على هذه الوزارة تتضاعف في هذه القضية يوماً بعد يوم فهل حققت هذه الوزارة بكافة مسؤوليها ومنسوبيها الرضا الاجتماعي الكامل أو على الأقل الرضا المقبول؟

قبل ذلك نتساءل ما هو الدور الحقيقي والمؤثر في هذه القضية الوطنية الهامة والأهم هنا هل حظيت هذه الوزارة بصلاحيات وبدعم يمكنها فعلاً من تحقيق واجبها ومسؤوليتها على نحو يرضي المعنيين بخدماتها وخاصة فئة الشباب الذين يحاولون أن يكونوا من ضمن هؤلاء المعنيين بخدمات هذه الوزارة.

وبمناسبة الحديث عن وزارة الخدمة المدنية أعود إلى خبر نُشر في هذه الجريدة بتاريخ 1423/12/9هـ كان فعلاً خبراً هاماً ظللت محتفظاً به لأهميته الكبيرة من وجهة نظري الخاصة طيلة هذه الأشهر لعدة اعتبارات.

هذا الخبر اعتقد أنه لم يأخذ الاهتمام والعناية المفترضة وقد يكون لتاريخ النشر وتوقيته عامل كبير في ذلك بسبب انشغال الجميع بمهمة الحج والإجازة.. يقول الخبر في عنوانه (710) آلاف موظف يعملون في الوزارات والمصالح الحكومية. وجاء في مضمون الخبر ما يلي:

(بلغ عدد العاملين في الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة (710.859) موظفاً ومستخدماً سعودياً وغير سعودي من الرجال والنساء بمختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العامة منهم (631.024) سعودياً يشكلون ما نسبته 89% موزعين على النحو التالي:

(339.535) سعودياً يعملون على سلم رواتب الوظائف التعليمية.

(169.220) سعودياً يعملون على سلم رواتب الوظائف العامة (مراتب).

(29.685) سعودياً يعملون على سلم رواتب الوظائف الصحية.

(11.206) سعوديين يعملون على سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس والمحاضرين والمعيدين.

(1.996) سعودياً يعملون على سلم رواتب القضاة وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام.

(79.382) سعودياً يعملون على سلم رواتب المستخدمين.

أما غير السعوديين فقد بلغ عددهم (79.835) غير سعودي (61%) منهم يعملون في المجال الصحي و(30%) في مجال التعليم العام الجامعي.. أما البقية فيعملون في مجالات فنية متخصصة والمجالات الاستثشارية وأعمال الترجمة وبعض الوظائف الهندسية والأعمال الأخرى لا يقبل عليها المواطنون علماً أن هذه الاحصائية لا تشمل السعوديين والأجانب الذين يعملون على وظائف البنود كبند الأجور وبند التشغيل والصيانة والوظائف المؤقتة.

جاء ذلك في التقرير الاحصائي الذي أصدرته وزارة الخدمة المدنية عن العام 1421- 1422هـ. والذي ورد فيه أنه تم قبول طلبات الالتحاق على الوظائف الصحية البالغ عددها (2908) وظائف للرجال والنساء والتي سبق أن أعلنت عنها وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية بمسمى (طبيب مقيم، مساعد صحي، فني) ووظائف للرجال فقط بمسمى (طبيب بيطري، ومهندس مدني وكهربائي بالمرتبة الثامنة ومهندس مدني مساعد ومهندس كهربائي مساعد بالمرتبة السابعة) والمطلوب شغلها عن طريق التوظيف المباشر وأوضحت الوزارة أن القبول سيكون مستمراً على هذه الوظائف حتى يتم شغلها وذلك عن طريق فروع مكاتب وزارة الخدمة المدنية.

حقيقة شيء غير متوقع اطلاقاً أن يكون أعداد موظفي الدولة في الوظيفة العامة بهذا الكم فقط وبلاشك أن الجميع سيتفاجأ بهذا العدد القليل وأن الجميع يتوقع أن عدد موظفي الدولة أكثرمن ذلك بكثير!!

فالمملكة بهذه المساحة الشاسعة وبهذا العدد الكبير من السكان المواطنين الذين تجاوز عددهم أربعة عشر مليوناً نسبة كبيرة منهم من الشباب وفيها هذا العدد الكبير من الوزارات والأجهزة الحكومية لا تضم في هيكلها الوظيفي من الموظفين الحكوميين إلا هذا العدد اليسير من الموظفين ولو تمعنا كثيراً أيضاً في هذه الأعداد لرأينا مدى التدني الكبير في انخفاض أعداد موظفي بعض القطاعات التخصصية الهامة جداً كقطاع القضاء والذي تبين منه أن عدد القضاة لدينا لا يتجاوز عددهم 1996فقط رغم الأهمية الراهنة لزيادة أعداد هؤلاء القضاة بكافة فئاتهم وتخصصاتهم وفي عموم مناطق المملكة وهذا ينطبق أيضاً على كافة القطاعات والتخصصات الأخرى.

ومعالي وزير الخدمة يقدم لنا هذه الاحصائية المفاجئة وغير المتوقعة اطلاقاً يدفع بنا التساؤل عن كيفية حدوث هذا خاصة إذا علمنا وهنا أكرر وأشدد إذا علمنا وأدركنا أن مجموع الوظائف الحكومية الرسمية المعتمدة في الميزانية العامة للدولة تبلغ أكثر من تسعمائة ألف وظيفة في كافة مراتب الوظائف وفي كافة التخصصات؟! فكيف حدث هذا التناقض ولماذا لم تشغل جميع هذه الوظائف مادام أنها وظائف معتمدة في الميزانية العامة للدولة ومبالغها المالية معتمدة؟؟

لكن السؤال الأهم هنا هو لماذا أعداد موظفي الدولة بهذا العدد فقط؟! اعتقد أن حجم التنمية الجبارة وإمكانات الدولة وهذا التنامي الكبير في أعداد سكان المملكة وفي ظل ضعف تجاوب القطاع الخاص في المساهمة المطلوبة في تحمل عبء التوظيف الوطني؟؟ جميعها عوامل تؤكد لنا أن بلادنا من المفترض أن يكون لديها أضعاف هذه الأعداد من الموظفين فالحاجة تتطلب ذلك والتوظيف أولى بكثير من الجوانب الأخرى.. خاصة في ظل حاجة هذه الجهات للدعم وحاجة هذه الأعداد المتزايدة من أبناء الوطن للوظيفة..!! هل يجيبنا معالي وزير الخدمة المدنية ومعالي وزير المالية على ذلك؟