وقفت أمام بوابة الفحص الدوري للسيارات أطلب الدخول فقال لي الموظف: (ليس معك موعد فلا يمكنك الدخول)، قلت: (معي ما هو أهم من الموعد)، فأرسل إلي عينه بنظرة حادة ظناً منه أنني أقصد أن معي واسطة، والواسطة هذه الأيام (في عهد الحزم والعزم) تعرضني وإياه لعقوبة صارمة، فأردت أن أريحه فقلت (معي هذه الشيبات) فتنفس بعمق، وقال: تفضل.

منحت الدولة -أدام الله عزها- كبار السن وكذا المتقاعدين مميزات كثيرة وامتيازات وحقوق لم تكن موجودة ولا تقتصر على دخول بعض مواقع الخدمات دون موعد أو دون رسوم، كما هو الحال في محطات الفحص الدوري أو المعارض والفعاليات ووسائل النقل الحالية والمستقبلية القادمة، بل ثمة حقوق أهم صحية واجتماعية حددها نظام حقوق كبير السن ورعايته الصادر من مجلس الوزراء برقم 292 في 1 /6 /1443هـ.

وينص النظام الجديد على منح كبير السن امتيازات خاصة ويحفظ حقوقه الاجتماعية والمالية والقانونية. وكذلك ينص على عقوبات صارمة بغرامات مالية أو السجن تجاه من يسيء لكبير السن ويستغل أمواله سواء كان من الأفراد أو الجهات الاعتبارية. كما يهدف النظام إلى ضمان إجراء الدراسات والبحوث وتوفير البيانات اللازمة لتطوير الخدمات الخاصة بكبار السن، ودعم الأنشطة التطوعية، وتأهيل المرافق العامة والتجارية والأحياء السكنية والبيئة المحيطة والمساجد لتكون مناسبة لكبار السن. وأكد النظام على أن من حق كبير السن العيش مع أسرته وعليها إيواءه ورعايته وفق تسلسل الرعاية، ولا يجوز لدور الرعاية إيواء كبير السن إلا بعد موافقته أو صدور حكم قضائي بذلك، كما يمنح النظام كبير السن بطاقة امتياز من الوزارة تمكنه الحصول على الخدمات والامتيازات.

وهذه الفقرة الأخيرة قرأتها واقفاً ووقف معها شعر رأسي (لم يصبني الصلع بعد لأنني صيدلاني أعرف أضرار مركبات الشامبو المدعوم دعائياً واستخدم الخالي من الإضافات الكاذبة)، أقول وقف معها شعر رأسي لأنها ذكرتني بتحقيق صحفي أجريته عن دار العجزة بالرياض منذ حوالي أربعين سنة وتحديداً في يوم الثلاثاء 23 محرم 1403هـ الموافق 9 نوفمبر 1982م العدد (3703)، عندما كنت أعمل محققاً صحافياً لجريدة (الجزيرة)، ونشر في ثلاث صفحات وخرجت منه بمواقف مبكية وقصص حزينة لكبار سن تم إدخالهم من قبل ذويهم دون علمهم رغم وعيهم، فأحدهم كفيف فقد بصره بسبب الطب الشعبي وأدخله أبناؤه الدار وقد أوهموه أنه مستشفى العيون وتركوه ورحلوا، والثاني في كامل صحته وحالته الذهنية أدخله شقيقه الدار بتحريض من زوجة الشقيق التي لا تريده أن يزورهم لتناول طعام الغداء عندهم، رغم إمكانية بقائه في بيت والدته العجوز ووجود خال له كريم لو علم بحاله، ولا أنسى بعد نشر التحقيق بأيام أنني زرتهم فذكر لي أن شقيقه حضر ووبخه على ما ذكر في الجريدة وهنا ينطبق المثل (شين وقوي عين)، لكن عهد الحزم والعزم جاء بنظام يضع أصبع المسن في عين كل ظالم يظن أنه قوي عين.