جمع الكاتب والإعلامي الإماراتي إبراهيم علي خادم، حوارية فكرية خاصة بينه وبين ابنته في مجموعة نصوص، على شكل رسائل أدبية تجنح نحو السرد، حملت عنوان "رسائل سارة" محاولاً أن يستحضر فيها إيجابات حول تفاصيل الحياة ونظرتنا إليها كما ينبغي أن تكون.

وفي المجموعة الصادرة عن دار "ملهمون" للنشر والتوزيع مؤخراً سعى الكاتب لتقديم نفحة طمأنينة وفسحة أمل لتنظر ابنته من خلالها إلى الحياة بتفاؤل وسلام، حيث قدم في كل فصل خلاصة جواب عن السؤال المطروح في عنوانه والذي يفتح الأبواب على مصراعيها أمام دروب الحياة ومحطاتها، فتراه مرة يحدثها عن الفقد والحزن، وأخرى عن الثقة بالنفس والاستمتاع بالجمال وتارة عن اليقظة وأخرى عن شكر الله والعقوبة والثواب، وكأنه يحاول أن يختزل تجاربه في الحياة ودروسها، ويقدمها هدية لابنته ولكل من يقرأ على شكل رسائل في قصص.

نسج المؤلف مجموعته التي تضم 28 رسالة وتقع في 117 صفحة، بلغة السهل الممتنع، في تفسير ما يود قوله وإيصاله، ويقول في رسالته الثانية عشر بعنوان (المتأملون روح واحدة) مجيباً على سؤال سارة ابنته -لما نحتاج للتأمل يا أبي؟- "إن كنت وحدك فرحة فسينجيك فرحك مرة واحدة، وأما إن كنت في ثلة المبتهجين الفرحين فتسقط أشباح الأحزان أمامك وتتلاشى، فلا مكان لها بين القلوب النابضة لروح واحدة، تسكن أجساد المستبصرين الذين يمضون قدماً نحو الحياة الجديدة".

رغم أن حوارات المجموعة لا تخلو من مشاعر الأبوة والحرص إلا أنه من الواضح أن الكاتب حاول تقديم المنطق على العاطفة والحكمة على الانفعالات، بأسلوب حواري رزين دون إطالة أو استهلاك في المفردات الواقعة في نصوص مبندة من النوع القصير، متمعناً في انتقائه اللغوي والمعنوي بطريقة أدبية رشيقة، باعتباره يخاطب مجموع نصوصه/ سارة وأبناء جيلها ويقدم خلاصة جاهزة لا تبنى على نسبة أو مجهول، بل على مبادئ وأسس ثابتة معلومة.

ففي الرسالة السابعة عشرة بعنوان لربما كان خيراً منك يخاطب المؤلف ابنته قائلاً: "حبيبتي ارجعي إلى كل الأخيار الجميلين، بقلب مستهام يطلب المحبة ويرجو السلامة ولا تقارني أياً منهم بالآخر ولا تنافسي أحداً، وازهدي بما في أيديهم.

ولتعلمي بأنني لا أحبك لأنك الأفضل من حولك إنما أحبك لأنك بأفضل ما فيك".

واختار المؤلف أن يختم رسائله بالحديث عن الرحيل وكأنه يريد أن يستبق النهايات ويهيئها لتقبل الوداع والغياب مجيباً على سؤال: يا أبي ماذا بعد الرحيل؟

حيث يقول لها: "سأقول لك حقيقة مرة.. ستهنأ لك الحياة إن كنت مستعدة للرحيل".