تجاوز سوق التأمين السعودي 65 مليار ريال بنهاية عام 2023 بنمو 6 أضعاف مقارنة بعام 2008 وبلغ متوسط النمو السنوي خلال العامين الماضيين نحو 25 % سنويا، كما انخفضت عدد الشركات العاملة في قطاع التأمين من 34 شركة في عام 2008 إلى 26 شركة في نهاية عام 2023 بعد خروج بعض الشركات من السوق أو اندماج البعض منها، صافي أرباح القطاع في عام 2008 بلغ 694 مليون ريال وفي عام 2023 وصلت الأرباح إلى 3.37 مليارات ريال بنمو نحو 5 أضعاف وهو أقل من نمو السوق وهذا يعطينا مؤشرات إلى أن الشركات تحتاج إلى مزيد من العمل لمواكبة التغير الكبير في سوق التأمين ومن أهمهما عمليات الاندماج، وعندما نستعرض نتائج الربع الأول 2024 وهو أعلى نمو للأرباح حيث نمت أرباح القطاع بنحو 50 % مقارنة بالربع المماثل من العام 2023 واستحوذت ثلاث شركات فقط على 40 % من أرباح القطاع، كما سجلت 11 شركة تراجعاً في الأرباح وثلاث شركات حققت خسائر.
إذا الشركات التي تراجعت أرباحها في ظل النمو القوي هي أكثر احتياجا للاندماج مع شركات أخرى من أجل بناء كيانات قوية قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية والقدرة على الاستمرارية في سوق عالية المخاطر، البنك المركزي السعودي خلال السنوات الماضية عند إشرافه على قطاع التأمين كان يحث الشركات على الاندماج ولكن الاستجابة من الشركات كانت ضعيفة وليس له السلطة بإجبارها وهي شركات مساهمة مدرجة في السوق المالية السعودية والقرارات مكفولة للجمعيات العمومية بالموافقة على هذه العمليات، ولذلك رأينا بعض شركات التأمين قررت إنهاء المفاوضات المتعلقة بعملية اندماجهما بعد عدة أشهر من الدراسة، أعتقد أن هيئة التأمين التي تولت الإشراف على القطاع في أغسطس الماضي عليها مسؤولية حماية الشركات القائمة ووضع استراتيجية وحوافز تشجيعية للشركات من أجل تحفيزها على الاندماج، وكذلك رفع رؤوس أموال الشركات إلى أكثر من مليار ريال والتركيز في تنمية القطاع وخلق أسواق تأمينية جديدة ومنتجات جديدة في ظل تركز السوق حاليا على التأمين الصحي والمركبات وهي المنتجات الأعلى مخاطرة ونسبة التعويضات فيها قد تتجاوز صافي الأقساط المكتتبة.
سوق التأمين في ظل رؤية 2030 والمشاريع الكبرى وتطوير القطاع الصناعي ودخول الشركات العالمية الكبرى للاستثمار في داخل المملكة سوف يطرح العديد من الفرص التي ينتظرها قطاع التأمين منها تأمين العيوب الهندسية والتأمين على المشاريع والمطارات والملاعب والتأمين على المصانع وعلى المعدات الصناعية وعلى المعدات الثقيلة والتأمين البحري والتأمين على البضائع والتأمين على القروض البنكية وغيرها من المنتجات الجديدة التي تخطط لطرحها هيئة التأمين السعودية؛ من أجل توسيع قاعدة السوق وتوزيع مخاطر التأمين على عدة منتجات، ولكن في نفس الوقت فإن شركات التأمين سوف تواجه العديد من التحديات منها دخول شركات تأمين عالمية قوية ولديها الخبرات المتراكمة والأصول الكبيرة والسيولة العالية وقد تم الترخيص لأول فرع لشركة تأمين أجنبية في المملكة، وهي شركة سيجنا وورلد وايد إنشورنس الأميركية، التي تختص بممارسة نشاط التأمين الصحي، أيضا السيولة مشكلة كبيرة تواجه بعض الشركات مما تحد من نشاطها التوسعي وقدرتها على الترويج لمنتجاتها، كذلك عدم قدرتها على تحديد مستوى الخطر عن طريق خبير اكتواري وهو المختص بتقدير المخاطر الخاصة بالتغطيات التأمينية، وتقييمها ووضع الأسعار المناسبة لها ودراسة حالات السوق ومدى المخاطر المتوقعة في فرع التأمين، من خلال دراسة معدلات الحوادث عبر السنوات الماضية وحساب الاحتياطيات وتقدير مستوى التمويل والملائمة المالية للشركة، شركات التأمين تواجه إشكاليات أيضا في الجانب التنظيمي الفعال لتنظيم وضبط جميع المسائل المتعلقة بالتأمين وبجوانبها المختلفة، كذلك عدم وجود نظام قضائي فعال لحسم منازعات التأمين مما يؤخر التعويضات، كما أن ندرة الكوادر البشرية المؤهلة في مجال التأمين هي من المعوقات التي تواجه شركات التأمين السعودية والحصول على الكفاءات المتميزة تحتاج إلى تعويضات مالية كبيرة وكثيراً من الشركات ليس لديها القدرة المالية لاستقطاب هذه الكفاءات.
مستقل سوق التأمين السعودي واعد، ومستويات النمو سوف تتضاعف، وهيئة التأمين المنوط بها تنظيم القطاع تسعى لتحسين البيئة التنظيمية والتشريعية، وإطلاق منتجات جديدة مع إلزامية التأمين على بعض المنتجات، أما الشركات الصغيرة فليس لها خيار إلا الاندماج أو الاندثار.

التعليقات