المرهقون فيلم يمني من إخراج عمرو جمال وإنتاج مشترك بين اليمن والسعودية والسودان، حيث ساهم مهرجان البحر الأحمر في دعم إنتاجه.

شاهدت الفيلم في مهرجان أفلام السعودية الذي أقيم الأسبوع الماضي، حضرت الفيلم بتوصية من صديقتي فأنا لم أكن أعرف عنه شيئاً، شكرت صديقتي بعمق بعد مشاهدته، فلولاها كان فاتني هذا الفيلم العظيم. أتذكر حين سألني حمادي جيروم رئيس مهرجان السينما المستقلة بالدار البيضاء إذا كنت شاهدته، خبطت على صدري ثلاث مرات، هذا يقول كل شيء، قال.

هذا كان شعوري وأنا أشاهد الفيلم، وبعد الانتهاء منه، كنت أخبط على صدري أثناء المشاهدة للشعور بالضيق الشديد، تمكن المخرج ببراعة أن يجعلني أشعر بالحصار الاقتصادي الذي يعانيه أبطاله، وبعد المشاهدة، لأنني أردت أن أقول ياله من فيلم عظيم، نقل ببساطة شديدة أحاسيس هائلة تجعل من البديهي جداً أن ينال كل الجوائز العالمية التي نالها. وأنا من جهتي أشكر مهرجان أفلام السعودية الذي أتاح لي هذه الفرصة العظيمة وأشكره لأنه أضاف لجوائز هذا الفيلم جائزتين من السعودية.

ليس من الضروري أن تعرف أن الحكاية حقيقية، كل شخص من أي بلد يعاني من ضائقة اقتصادية يمكن أن يفهم ما يحدث، في الحقيقة كل شخص يملك إحساساً بالآخر يمكن أن يتواصل مع هذا الفيلم، ولهذا نال جائزة الجمهور في مهرجان برلين.

وهذا ما يجعلني أكرر ما أقول دائماً، إذا تحدثت عن نفسك بصدق، وببساطة، بدون فذلكات سينمائية أو تعقيدات تقنية، بدون رعب أو إثارة أو آكشن، إذا آمنت بقصتك المحلية الشديدة الخصوصية، ستصل، ستصل إلى الجمهور وإلى الجوائز. هذا ما يحتاج السينمائيين الشباب إلى الاقتناع به، ولن أتعب من تكراره مع كل فيلم ينجح نجاحاً باهراً كما نجح فيلم المرهقون.

يتحدث الفيلم عن زوجين من الطبقة المتوسطة، الأحداث تدور في عدن، عام 2019، أشاهد عدن، شوارعها وبيوتها ومستشفياتها وناسها بهذا الشكل الطبيعي والحميمي للمرة الأولى. تحمل الزوجة للمرة الرابعة، ويقرران أن يجهضا الجنين، والفيلم يتحدث عن رحلة البحث عن طريقة لتنفيذ ذلك، ومن خلال هذه الرحلة نتعرف على كل الإشكاليات الدينية والاجتماعية الاقتصادية التي تحيط بقرار كهذا. الفيلم ليس محاكمة، وليس جدلاً، وليس إثارة لقضية الإجهاض، الفيلم يتحدث عن الظروف التي دفعت عائلة لاتخاذ هذا القرار والصعوبات التي يواجهها لتنفيذه. أسرني التمثيل، أسرتني البساطة، أسرتني البطلة عبير محمد وهي تبكي بدون صوت متألمة من مد زوجها يده عليها، وأسرني خالد حمدان وهو يجاهد بشكل طبيعي في حياته اليومية. أسرني كل من عمل في الفيلم، عمل رائع سيبقى خالداً وهنيئاً للسينما اليمنية هذا الفيلم وهذا المستوى.