واضح أن لدينا خصومة تصل حد العداء مع الوقت، فبعضنا (خاصة الشباب الذكور) على مستوى قيادة السيارة أكثر الناس استعجالاً واهتماماً بالوقت وفي الواقع هم أنفسهم (أقصد البعض ذاته من الشباب الذكور) أكثر الناس فراغاً وإضاعة للوقت، تجده (طاير) لا يسمح لك بالعبور ولا يسمح لك بالانعطاف لا يساراً ولا يميناً، حتى لو استعطفته بإشارة وحتى لو أخرجت يدك تشير إلى أنك تستعطفه أن تنعطف فلن يعطف عليك، وبعد بضعة أمتار تجده واقف (يسولف) بل لو لاحظ منك امتعاضاً فقد يقف في وسط الطريق معانداً.
ليس هذا فقط، بل غالبية المسرعين المستعجلين هم في الواقع متجهون لممارسة لعب (البلوت) في منزل صديق أو للسهر في استراحة، بينما المشهد في الشارع حيث السرعة والتجاوز من اليمين ولصق الصدام بالصدام والتكبيس بالنور العالي توحي بأن ثمة حالة إسعافية أو حالة طوارئ لا تقبل التأجيل، وهذا التناقض بين الاستعجال والوقوف أو تضييع الوقت في (البلوت) والاستراحة هو من صور العداء مع الوقت.
أما العداء الأشد للوقت والذي يشير إلى أننا أو بعضنا أو كثيراً منا نفتقد لفن إدارة الوقت، فهو ما نشهده كل عام من التزاحم في متاجر المواد الغذائية فور الإعلان عن رؤية هلال رمضان، وكأن شهر رمضان لا يأتي بعد نهاية شعبان أو كأن الهلال إذا لم تره العين فلن نراه أبداً!، المحال تكتظ ليلة إعلان دخول شهر رمضان الكريم والشوارع تزدحم ويتوقف السير وترتفع أصوات المنبهات وترى الناس تتدافع في سوق المواد الغذائية والعربات تمتلئ وتتصادم مع أننا نعلم منذ رمضان الماضي أن رمضان القادم سيأتي بعد 11 شهراً وليس 11 دقيقة.
أما العيد، فعيد وبأي حال عدت يا عيد؟! بالحال نفسه والفوضى نفسها بمجرد إعلان أن غداً هو العيد، بل حتى لو منحنا فرصة 24 ساعة وأعلن أن العيد ليس غداً ستحدث الفوضى ذاتها لشراء أغراض العيد وتجهيز متطلباته.
قلت ذات منشور في منصة X، مازلت أسميها (تويتر) و(تغريدة)، قلت فيها: (أستطيع أن أتفهم أن تزدحم مغاسل السيارات ليلة العيد (يخافون تمطر أو تغبر قبل العيد) لكن ما يشتري شماغه إلا ليلة العيد! أو ما يحلق شعره إلا فجر العيد! لماذا؟! ومتى سنتعلم إدارة الوقت؟!
الطريف أن كل الحلاقين زحمة ونصف الشبان صلعان، وكصيدلي أجزم أن سبب الصلع (الشامبوات) الغالية المملوءة بالكيماويات والتي لها دعاية كاذبة وترويج (التجربة تقول الشامبو الأفضل هو أبو أربعة ريالات الأصلي الأقل مركبات ودعاية) واسأل الأصلع وش كان يستخدم؟) انتهى.
وقد وافقني كثر (بل جميع المعلقين) على أمر تأجيل شراء الشماغ والغترة والعقال وتفصيل الثوب وأنها ظاهرة سلبية غريبة، ورأى البعض أن الحلاقة لا بد أن تكون ليلة العيد وإن كنت أنصح بأن حلاقة الوجه يفترض أن تتم في المنزل خصوصاً مع توفر أمواس حلاقة سهلة ومتعددة الشفرات أنصح بشرائها من الديرة (وسط البلد) لأن الصيدليات ومراكز التسوق الشهيرة تفتري في رفع أسعارها خمسة أضعاف.
وعلى طاري النصيحة، وعودة للسائق الشاب المستعجل الذي لا يسمح لك بالعبور أو الانعطاف فقد جربت أن ألوح له بالشكر سلفاً، ووجدت أنهم متعاونون ويسمحون، وهذا يؤكد أنه غير مستعجل لكنه يراها عناداً وتحدياً، وهنا لا بد من توعية مكثفة.
التعليقات