تونس هي تونس، تونس البهية، تونس الخضراء، ذهبت إليها مرتين سابقتين بمعطف السائح، هذه المرة أزورها والملحق الثقافي فيها الصديق الروائي يحيى سبعي، لذلك كانت الزيارة مختلفة، حيث تقترن الثقافة وعوالم الكتابة بالأبيض والأزرق في سيدي بوسعيد ورائحة البحر في المرسى.
الدعوة وجّهت من الملحقية الثقافية بتونس، وشارك في الإشراف على أمورنا ومواردنا هيئة الأدب والنشر والترجمة، استقبلنا في المطار سعادة الملحق الثقافي بنفسه، لم أحظ بدلال مثل الذي حظيت به من قبل. كنت الوحيدة التي أسكن جدة، كان معي في الرحلة الشاعر أحمد عطيف آتيا من جيزان، والإعلامي والشاعر محمد الحمادي من الشرقية والمصور خالد عقدي من الرياض. خلال الأيام التي أمضيتها توثقت العلاقة بيننا، وفي الحقيقة أننا بدأنا حوارا ثقافيا أنا وأحمد عطيف في اللحظة التي وصلنا فيها الفندق وقبل حتى أن نصعد إلى غرفنا، ما حدا بخالد أن يتحسف لأن الكاميرا ليست معه حتى يوثق الحوار.
المناسبة كانت معرض الكتاب الدولي بتونس، افتتحه رئيس الدولة شخصيا، ربما تأكيدا على أهمية الثقافة، وأن تونس لن تنهض مرة أخرى سوى بالعلم والثقافة.
الحضور مبهج وجميل، أكرر دائما أن معارض الكتب لها داخلي بهجة عارمة، حتى بعد أن توقفت عن شراء الكتب، أن أجد نفسي وسطها، أسير مع الناس أتلفت فأجد الكتب تحيط بي من كل جانب، ليس أجمل من ذلك أو أقرب للنفس، لكنني تعاملت معها كما أفعل حين أتجنب النظر إلى رفوف الحلوى والشيكولاتة في السوبرماركت، كنت أسير وأنظر بنصف عين إلى الكتب المعروضة، أخاف أن تعود لي حالة الإدمان التي كانت تدفعني لرصها أكواما، ثم التفكير لاحقا في كيف سأحملها إلى بلدي، ما ينقذني الآن أنني أعرف أنني لن أستطيع قراءتها وستبقى تجاور الكتب الأخرى في مكتبتي بينما أقرأ أنا غيرها على الآيباد.
الندوة الأولى التي حضرت في الركن الفاخر الذي صممته الملحقية كان لمجموعة من المثقفين التونسيين، من بينهم موسيقيون، والدكتور سعيد العواجي عن حادي العيس وسلطة الذاكرة الشعبية، كان ذلك ممتعا، ثم حدثنا أحمد عطيف بأسلوبه السهل الممتنع واللطيف والظريف والممتع عن شعرية الإبل، وذاكرة تونس في خيال الصبي.
ندوتي التي ذهبت من أجلها كانت يوم الاثنين، وكانت عن تجربتي في الكتابة، بعنوان الكاتبة أمام الحالة الشخصية، محمد الحمادي إعلامي قدير، لذلك عرف بأسئلته الذكية أن يخرج كلاما مني يبدو أنه أعجب الحضور، كانت مداخلاتهم بارعة وملهمة، التقط خالد عقدي الذي صور أيضا تقريرا للإخبارية عني صورا في منتهى الحرفية.
قبل أن أختم، شكرا لسارة الصميع وخالد الغامدي، شابين سعوديين عملا على راحتنا وتدليلنا، وأبصم لهما أن الشباب السعودي ناجح في كل مجالاته، والضيافة وترتيب المناسبات أحدها.
التعليقات