أرجو ألا يظن أي محب للغة العربية أنني ضد هذا العلم، أو أنني أحرض على الاستخفاف به، أنا فقط أذكر تجربتي وأعترف بنقصي، ربما درءاً للعين أو ردا لكل من يتهمني بأنني أخوض في كل الأمور بدءا من الطب مرورا بالكتابة في القصة والرواية والمقال والنص المفتوح وانتهاء بالفن التشكيلي، أعترف وأصرح أنني فشلت تماما في فهم هذا العلم، وفعولن مفاعلتن لا يمكنها أن تعني بالنسبة لي أكثر من أي نص هيروغليفي أراه مكتوبا على أثر فرعوني. أذكر ذلك بعد أن حاولت أن أقرأ كتاب المرشد في فهم أشعار العرب، ولأنه كتاب حديث نوعا ما حيث كتب مقدمته طه حسين، ظننت أنني سأستوعب ما كتب عن هذا العلم بلغة حديثة، لكنني بعد أن أجبرت نفسي على قراءة ثلاثة أرباع الجزء الأول، قررت أن أعترف أنني لا أهتم بهذا العلم، أو أن عقلي قاصر عن استيعابه، فرضيت من الغنيمة بالإياب.
هذا لا يعني أنني لا أستوعب الشعر، أو لا أحبه، بل أنا عاشقة للشعر، وأستطيع أن أدرك البيت المكسور، وما يهمني أكثر أنني أعرف ما يستهويني من الشعر، وأقدر ذاك الذي يحمل لي الدهشة والصور المذهلة، أكثر من العبارة الفخمة، لا أعرف إن كانت القصيدة من البحر الوافر أو الطويل، لكني أعرف إذا مست قلبي.
ولا أعرف إذا كان الشعراء، خاصة من يكتبون الشعر العمودي يعرفون البحور التي يكتبونها، وإن كنت آمل ذلك، لكن ما لا يستطيع متذوق غفرانه، أن يكتب شاعر بيتا مكسورا، فأذن الشاعر يجب أن تعرف الوزن، حتى لو تتعلم بحور الشعر.
هناك مسألة أخرى لم أستطع استيعابها أو تعلمها، هي المقامات، مقامات الموسيقى، مهما حاول أحد أن يشرحها لي، أو ربما لأنني لم أستمع بإنصات لمن حاول أن يشرحها لي، أو ربما كانوا معلمين فاشلين، في كل الأحوال، وبرغم عشقي للموسيقى، إلا أنني فشلت في فهم المقامات وإدراك على أي مقام تغني الست حب إيه اللي انت جاي تقول عليه، ما يهمني إلى أي مدى تطربني وتحملني على ترديد الكلمات بحماس وبأعلى صوت على المقام، مقام السلطنة.
اهتمامي بهذه الفنون، بعيد عن القواعد، أستمع فقط، أتذوق، وحين أحاول الاقتراب من ترسية قواعد تخصهم، شيء ما ينفرني، ربما لأنني لا أريد أن أخضعهم لقواعد، لا أريد أن يخرب افتتاني بالسحر الذي أشعر به وأنا أهيم في دنياهم. أفضل أن أبقى مستمعة، متذوقة، ويمنحني هذا العجز الفرصة أن أكتب هذا المقال.
التعليقات