السيدة أم ماجد "ربة منزل ولها من الأبناء أربعة" تقول: منذ بداية زواجنا وفي السنة الأولى قام زوجي بتأثيث غرفة في البيت كانت فارغة خصصها كمكتب خاص به وكان يجلس بالغرفة لساعات طويلة يقلب الكتب ويقرأ الصحف ويتابع نشرات الأخبار وكنت استغرب واتساءل لماذا لا يجلس معي في الصالة حيث لا يوجد سواي أنا وهو في البيت واستمر على هذا الحال يصحو في الصباح من النوم ليذهب إلى عمله اليومي، ويأتي عند الظهر ليتغدى وينام ومن ثم يصحو عند العصر ليجلس في غرفته حتى موعد نومه ويقطع هذا الروتين ذهابه لشراء المستلزمات اليومية من خبز ولبن وغيره، وكنت في البداية مستغربة لطريقته الجلوس لوحده وأحياناً أجلس معه لنتبادل أطراف الحديث، وبعد أن أنجبت أول أبنائي تصورت أن يغيّر هذا الطفل شيئاً من حاله ولكني لم أر أي تحسن في سلوكه وهكذا إلى أن أصبح أبنائي يتحركون ويصدرون الأصوات والإزعاج ويدخلون عنده في الغرفة فيخرجهم ويطلب مني أن انتبه لهم لكي لا يعاودوا الدخول، كلمته عدة مرات وتناقشت معه وأوضحت له بأننا في حاجته وفي حاجة وجوده معنا ليتابع مستوى الأبناء في الدراسة ويعرف متطلباتنا ولكنه يبرر بأنه موجود في البيت وانه يجتمع معنا على وجبة الغداء والعشاء ويسأل عن مستوى الأبناء الدراسي وهذا يكفي لأن يعرف كل ما يدور حوله وإذا احتاجت هي له فبامكانها أن تأتي له في غرفته وتطلب منه ما تريد سواء تقويم سلوك أحد الأبناء أو أن تكون في حاجة للنقود.

تقول أم ماجد: لقد يئست من تغير حاله فهو يحب الوحدة ويستمتع بها ليمارس هواياته الخاصة مثل قراءة الكتب الثقافية ومتابعة آخر نشرات الأخبار السياسية والاقتصادية، وعندما سألت شقيقته عن طبعه عرفت بان الوحدة طبع لديه منذ صغره، فهو لا يحب الاختلاط ولم يتعود على الزيارات الاجتماعية، لذا فضلت التأقلم مع هذا الوضع والحق يقال فهو إنسان هادئ ومحبوب من أسرته وكريم عليّ وعلى عياله ولكن النتيجة انني أصبحت أنا التي أخرج بالأولاد مع أهلي في نزهات للحدائق والأسواق والمكتبات نهاية الاسبوع وحتى إذا اضطرت الحاجة لشراء مستلزمات مكتبية، وتعودت على هذا الوضع ولا أخفيك كثيراً ما أغبط الزوجات اللاتي يكون أزواجهن هم من يذاكر لأبنائهم ويخرج معهم في نزهات ترفيهية أو شراء مستلزماتهم الخاصة لأني أرى ان هذه العلاقة صحية ففيها تواصل بين الأب وأبنائه أكثر وبالتالي تقوى أواصر العلاقات الأسرية بينهم.

دوام بفترتين

أما أم محمد تعمل معلمة ولديها ثلاثة أبناء، فقد كانت أوفر حظاً من سابقتها فزوجها يقضي جل وقته خارج المنزل في عمله وهي ترى الوضع مريحا لها بهذه الطريقة فلها مساحة واسعة من الوقت لإنجاز أكبر قدر من المهمات في البيت من تنظيف وتنظيم ومتابعة الأبناء في دروسهم اليومية وعمل زيارات للصديقات والأهل والتسوق، وتقول: ان زوجي يصحو ونكون أنا والأولاد قد خرجنا من المنزل لنعود بعد الظهر لنجده في وظيفته، يرجع في الثانية والنصف ليتغدى ويجلس مع الأبناء يلاطفهم ويتابع آخر أخبارهم ليعاود الخروج في الرابعة عصراً لعمله حتى العاشرة والنصف مساء، أكون أنا في هذه الأثناء أذاكر دروس الأولاد وأتابع شؤون البيت وعمل الخادمة من غسيل وتنظيف، وكما قلت يعود متأخراً في المساء لنتناول وجبة العشاء يأخذ بعدها جميع الصحف العربية ويتابع قراءتها مع متابعة نشرات الأخبار حتى موعد النوم وهكذا يمضي طوال أيام الاسبوع إلى أن يأتي يوم الجمعة أي إجازته الاسبوعية فحينها نخرج مع الأبناء لأداء واجب اجتماعي وزيارة أهله وأهلي أو نقوم بنزهة برية أو تسوق بأحد المجمعات.

وتضيف أم محمد: انني تعودت على هذا النظام ولا أعرف قد أكون في وضع مسيطر على أبنائي من حيث دراستهم وحريصة كل الحرص أن يحصلوا على أعلى الدرجات حتى ينالوا مستقبلاً يلائم طموحاتهم ولا أقبل بأحد غيري يتولى هذه المسؤولية ولا أخفيك عندما يقصر أحد الأبناء في حل واجباته المدرسية أقوم بمكالمة والدهم على هاتفه بالعمل وبدوره يوبخ المقصر ويحثه على مواصلة دراسته، فأنا لا أحس بأن زوجي مقصر معنا فطبيعة عمله تحتم عليه قضاء ساعات طويلة فيه.

المثلث الأسري

أم زياد موظفة ولها اثنان من الأبناء تستعرض روتين زوجها اليومي بشيء من عدم الرضا التام وتقول ان أغلب الرجال السعوديين روتينهم واحد فهم لا يحبون تحمل مسؤولية بيتهم ورعاية الأبناء والوقوف على شؤونهم الخاصة وليس لهم هم سوى التفكير باهتماماتهم الشخصية وتقول: في بداية زواجنا كان زوجي يغدق الكثير من حبه ورعايته لي وحتى عندما أنجبت طفلي الأول والثاني ولكن مع تغير وظيفته وانتقاله إلى مدينة الدمام أصبح كثير التغيب عن البيت ويأتي كل نهاية اسبوع، بداية طلب مني الانتقال معه للمنطقة الشرقية ولكني لم أوافق بسبب تعود الأولاد على مدارسهم ووجود بيت أهلي بجانب بيتي والتزاماتي الاجتماعية، لذا فضلت البقاء في الرياض مع أبنائي وهو يزورنا في الإجازة الاسبوعية حتى يتم نقله إلى مدينة الرياض، استمر الحال سنتين إلى أن أسر لي في أحد الأيام برغبته في الزواج من إحدى النساء المطلقات ومقيمة في مدينة الدمام بحجة رعاية شؤونه، أما أنا فقال لي بأنك ستبقين الأولى وأم أولادي المعززة ولي مكانتي، عندها أحسست بأني ظلمت نفسي قبل كل شيء وعضيت اصابع الندم ألف مرة على أن تركته يذهب ولم انتقل معه، ولكن كل شيء مقدر ومكتوب واستمر الحال على ما هو عليه أنا أرعى البيت والأولاد وهو في مدينة الدمام مع زوجته الثانية ويأتينا في نهاية الاسبوع ليؤمن متطلباتنا اليومية ومستلزمات الأولاد ويرعى شؤوننا، أنا لا أنكر أنني السبب فيما أنا فيه ولكن هل تناسى هو أن الزوج ليس مجرد حافظة تزخر بالنقود والأموال.. والزوج ليس رجلاً يحقق فقط الأمان المادي للزوجة انه أكثر بكثير.. انه ضلع أساسي في مثلث الأسرة.. ذلك المثلث الذي لا تستقيم أحواله إلا بأضلاعه الثلاثة: الأب، الأم، الأبناء، إنه أولاً وأخيراً زوج يغمر زوجته بحنانه وحبه واهتمامه.. أب يرعى أبناءه يسهر لراحتهم ويسعد لرؤية طرحه الأخضر الندي ينمو ويترعرع أمام عينيه.

إدمان العمل

وقد يكون النجاح الوظيفي أو المادي هدفاً يسعى له الزوج فيأخذه هذا العشق إلى العمل حد الإدمان دون توقف وينسى انه مسؤول عن أسرة وزوجة وأبناء وهذا ما يغضب أم فهد وهي ربة بيت ولديها ثلاثة أبناء، متزوجة من رجل أعمال ويعشق عمله ويتمنى أن يمارسه ليل نهار وتقول: اعترف أولاً أن زوجي ملتزم بتوفير كل احتياجات البيت المادية لكن ذلك برأيي لا يعد مهماً بالنسبة لي فإهماله لي ولأطفاله واضح إذ يضعنا دوماَ في نهاية قائمة جدول أعماله، ويومه ممتلئ لا فراغ فيه إذ اننا نراه عندما يعود إلى البيت في وقت متأخر لا يبالي بكل من حوله، المهم أن يجني الأموال ويحقق نجاحات واسعة على حساب بيته من دون أن يشعر بالمسؤولية ومع ذلك انني لست ضد عمله لكنني اتمنى أن يقوم بالتوفيق والموازنة بين البيت والعمل، وهذا ما أقوله له باستمرار لكن دون نتيجة.

وتضيف بقولها أن يهمل الزوج زوجته من أجل نجاحه المهني فهذه قد تكون أنانية وقد تكون مفرطة ويمكن أن تؤدي إلى خلل جسيم في العلاقة الزوجية ذلك لأن العلاقة الزوجية لكي تنجح تتطلب درجة من الموازنة بين اهتمامات الطرفين إزاء أحدهما الآخر وإزاء الأسرة ككل وهذه الموازنة تعبر عن شعور مشترك بالمسؤولية.

نشاطات تطوعية

ولم تختلف كلمات مريم زوجة في الأربعين وأم لأربعة أبناء في مراحل التعليم المدرسي المختلفة عن الكلمات السابقة. حيث كانت المرارة قاسماً مشتركاً لحديثهن.. تقول وهي تضرب يداً على يد "إنه مجرد ضيف في بيته.. زائر عابر يزورنا في الظهيرة ليتناول طعامه أو ربما ليستريح قليلاً ليعاود الخروج، أو يأتي إلينا في المساء ليخلد فقط إلى النوم.

وحينما يتكرم ويمنح بيته دقائق سريعة لاهثة يثير المشاكل ويلاحق الأولاد بالاستفسارات والأسئلة، ويقلب نظام البيت وقوانينه رأساً على عقب، ثم يمضي في طريقه ولا يحفل بتلك الزوبعة التي أثارها خلفه!

فقد تستغربين إذا قلت لكِ بأن زوجي في الصباح موظف في تقنية المعلومات ولكنه من بعد العصر مولع بالنشاطات التطوعية وحضور وتنظيم الندوات مما يفقد البيت المساحة الكافية من الحياة الاجتماعية الرطبة لقد مللت من كثرة توضيح الأمور له وأن لا تطغى نشاطاته التطوعية على حساب بيته وأولاده ولكن دون فائدة.

تقاعد الزوج

وهناك من الأوضاع الزوجية التي تعاني منها بعض السيدات في الخمسينات والستينات وهي ببساطة التعامل مع أزواجهن بعد سن التقاعد ومن هؤلاء الزوجات السيدة أم سعود (لديها 6أبناء و 5أحفاد) التي تعاني من أعراض تقاعد الزوج مثلها مثل الكثيرات في عمرها حيث تعودت على عمل زوجها الشاق، ثم للعودة للمنزل للراحة أما شؤون المنزل والأطفال فهي أمور من مسؤوليات الزوجة، وبمرور السنوات ينشأ لكل من الزوج والزوجة حياة منفصلة، تدور حول العمل بالنسبة للرجل، والمنزل ورعاية الأبناء بالنسبة للمرأة، وفجأة يتغير هذا الوضع مع تقاعد الزوج عند بلوغ سن الستين، وتجد الزوجة نفسها مضطرة لقضاء ساعات طويلة مع زوجها بشكل لم يحدث خلال سنوات طويلة من الزواج، وتجد أن حياتها انقلبت رأساً على عقب مع تقاعد الزوج.

وتكون النتيجة أن كثيرات من الزوجات لا يسعدهن الوضع الجديد ولا يشعرن معه بالراحة، ويفضلن قضاء الوقت خارج المنزل والاهتمام بشيء مختلف، وهذا ما فعلته السيدة أم سعود حيث اشتركت في أحد النوادي الاجتماعية وتذهب يومياً مع خادمتها منذ الساعة 4والنصف ولا تعود حتى العاشرة مساءً تلتقي خلالها مع مجموعة من السيدات في النادي يتبادلن الأحاديث النسائية وآخر الأخبار المختلفة ويحضرن الندوات التي يقيمها المركز بين فترة وأخرى وبذلك تقل فترة احتكاكها بزوجها وتقل بدورها المشاحنات اليومية التي قد تكون أحياناً على أشياء تافهة وبسيطة.

هوايات وأي هوايات

هل يمكن أن تصبح هواية الزوج مبرراً لتنغيص الحياة الزوجية؟ القصة التالية تؤكد إمكانية ذلك، فالسيدة منى عبدالرحمن (موظفة ولديها 6أبناء) زوجها يعمل مدير قسم بأحد القطاعات الحكومية ومحبوب من زملائه فشخصيته مرحة وبشوش ويغدق من الحنان على زوجته وأبنائه الكثير ولا يبخل عليهم من الناحية المادية ولكن وكما تقول زوجته لديه عيب واحد وهو هوايته المفضلة لديه وبنفس الوقت الغريبة والعجيبة وهي تربية طيور الحمام على سطح البيت، فزوجي يقضي مع الحمام أوقاتاً أكثر من تلك التي يقضيها معي ومع أبنائه، حيث يستيقظ منذ الصباح وقبل أن يتناول فطوره يصعد لسطح البيت ليطعم الحمام وبعد العصر يقضي مدة ساعتين تقريباً ليخرجها من أقفاصها ويطلقها في الجو للطيران في حركات دائرية وجماعية ويطعمها فهي تعودت على ذلك البرنامج اليومي. ولقد أصبت بصدمة عندما علمت منه أنه اشترى حمامة بخمسة آلاف ريال من أحد مزادات الحمام، وأذكر قبل سنتين تقريباً عندما توفيت إحدى الحمامات المفضلة لديه أصيب بالحزن ولم يتناول طعامه لمدة ثلاثة أيام.

ولم تكن السيدة منى الوحيدة المنزعجة من هذه الهواية، فالجيران أيضاً يتضايقون ويصدرون الشكوى بين فترة وأخرى من كثرة ما يقفز الحمام على سطوحهم ويسبب الأوساخ بفضلاته فضلاً عن الرائحة الكريهة التي يسببها. ومن النوادر التي تحدثنا بها السيدة منى أنها دخلت البيت مرة لتجد فيه عدداً كبيراً من الأشخاص. فخافت وظنت أن زوجها أصابه مكروه، لكنها اكتشفت أنه يعمل مزاداً للحمام في البيت. وللأسف لا زالت هوايته هذه تسبب لها الكثير من الازعاج، وعندما تحدثه بما يضايقها وتشعر به يبرر موقفه بأنه لا يركز عليها ولا يتضايق من كثرة خروجها للتسوق وزيارة الصديقات والأهل وهو بهذه الهواية يمارس شيئاً يحبه وتعود عليه منذ الصغر وعندما ألحت عليه في إيجاد حل بنقل الحمام من المنزل استجاب لمطلبها في نقل الحمام إلى مكان آخر فهو عندما اشترى الأرض المجاورة لمنزلهم أول شيء فعله قام ببناء بيت كبير للحمام وصار الحارس الخاص بالأرض هو المسؤول عن إطعام الحمام وتغيير الماء وتنظيف بيتها وهو يتفقدها كل يوم بعد العصر.

وهم المشاركة

آخر المشاركات معنا بهذا التحقيق ندى سعد وهي حديثة عهد بالزواج (سنتين) وكنا نتمنى أن نسمع منها قصة زوجية ناجحة ويوميات منسجمة بالحب والتفاهم وعلاقة متكاملة لعناصر النجاح.

تقول ندى وهي طالبة سنة ثانية جامعة: إن ما رسمته في مخيلتي قبل الزواج عن اللحظات المملوءة بالسعادة والفرح والمشاركة بين الزوجين في أبسط أمور حياتهم لم تكن إلا وهماً نسجته في أحلامي والذي يصطدم بالواقع يرى أن الزواج ما هو إلا هدف يحققه الرجل ليكتمل بذلك أحد أركان منظومة حياته فيكملها بزوجة تملأ البيت أطفالاً وتعد الأكل وتغسل الملابس وتنتظر الزوج عند عودته بابتسامة وبشاشة، فزوجي قد أنهى دراسته الجامعية ويعمل موظفاً في أحد المستشفيات الحكومية ينتهي دوامه الساعة 6مساءً ليتغدى ويرتاح بعدها قليلاً ثم يخرج عند التاسعة إما لأصدقائه في إحدى الاستراحات أو لأحد المقاهي المنتشرة في المدينة، أما أنا فأعود من الجامعة عند الواحدة ظهراً وقبل أن أغير ملابسي أدخل مباشرة للمطبخ لأعد وجبة للغداء ثم أنام قليلاً حتى العصر وعندما يعود زوجي نتبادل أبرز ما دار في الصباح وهكذا يمضي اليوم.

ولا يقطع هذا الروتين الممل سوى زياراتنا آخر الأسبوع لأهلي وأهله في منزلهم أو بإحدى الاستراحات وخروجنا يوم الجمعة لأحد المجمعات التجارية أو المنتزهات.

وتضيف ندى أن تلك هي الصورة الواقعية للزوج السعودي بصراحة: الزوج الهارب من بيته.. الزوج الضيف الذي لا يكاد يعرف شيئاً عن أحوال زوجته وأبنائه. نعم إن تلك الصورة سوف تغضب الأواج وسوف تثير أيضاً الخلاف والشجار ولكن كما يقولون لا يصح إلا الصحيح.