ترهقك الأيام أحياناً، تشعر بالتعب، والدة صديقتك رحلت عن الحياة، وقبلها بأيام والد صديقة أخرى، ولدك البعيد الذي يصوم في مدينة أخرى، والدتك التي تتمنى أن تجعلها سعيدة أبداً وتشعر أنك مقصر معها أبداً، تريد أن تنتهي من سلسلة اللوحات التي بدأت، مطلوب منك تعبئة استبيان ضروري، وكتابة مقالين، والتحضير لندوة، المهام الأخيرة خير ولا تضعها في خانة الهم والنصب لكنها تجتمع فجأة وتشعر بقلق خفيف يحلق كغيمة لا مرئية فوق رأسك. أنت بحاجة للهدوء وإعادة شحن حواسك. البحث عن الجمال، هذا ما أفعل حين يحدث ذلك.

تعيد ترتيب الطاولة التي تجلس أمامها وأنت تشاهد المسلسل، تفعل ذلك لأنك لا تريد لعينك المرهقة أن تقع على منظر يخرب المشهد الجمالي الذي صممته حين اخترت هذه الطاولة تحديداً، واخترت الكتب الفنية التي وضعتها عليها وقواعد الأكواب التي جئت بها من متاحف فنية مختلفة في العالم. تغير أوراق ورد المدينة التي أحضرتها قبل أسبوعين حين زرت صديقتك التي قامت بإكرامك وزارت معك كل المواقع التاريخية هناك.

تلاحظ وأنت تجلس في اجتماع الزوم أن الخلفية هي اللوحة التي رسمتها لنفسك، اللوحة التي ترتدي فيها وشاحاً أحمر، اللوحة التي تفخر بها وجعلتها هويتك في إنستغرام. نقطة جمال أخرى، وأيضاً نقطة تعيد شحذ ثقتك بنفسك وإيمانك بقدرتك على البدء في أي مشروع جديد.

تغمض عينيك وتتذكر فستان العيد الذي اشتريته من مدينة صغيرة في إحدى الرحلات، البائعة التي أقنعتك أن الفستان تحفة فنية، بوروده الصغيرة وخامته الحريرية، جمال آخر يمنحك ابتسامة تزيل عنك بعضاً من هذا القلق الخفيف.

الهدايا التي تقبع في الدولاب، قطع الذهب المشغولة بعناية، والسديريات التي طلبتها أونلاين، كلها قطع فنية بديعة مملوءة بالجمال، الجمال الذي يعيد ترتيب ذهنك وإعادة الصفاء إلى تفكيرك.

المسلسل لا يرقى إلى المستوى الفني الذي ترضى عنه، لكن أغنية البداية كلماتها ساخرة ولحنها خفيف ما يجعلك تستمع إلى المقدمة كاملة ولا تضغط زر التجاوز، تتذكر أنك بحثت عن كاتبة الأغاني التي أدهشتك بأحد أعمالها السابقة.

أثر الحنة الخفيف المتبقي على أصابعك، الفرح الذي شعرت به حين رسمته أنامل فتاة سمراء على يدك وقدمك، أنت لا تحب التاتو الدائم، لكن هذا النوع الزائل، يمنحك هذا الشعور بأنك جربت أن يحمل جلدك رسماً لأهلة وورود وكأنها جزء منك.

الجمال في الأطباق الموجودة على مائدة الإفطار كل يوم، والتي اختارتها أمّك الجميلة التي ربتك في بيت كل ما فيه يشع بالجمال، هي المعلم الأول الذي غرس فيك حب الجمال.

ها أنت قد أعدت شحن حواسك، الآن تبدأ يومك الجديد بطاقة جديدة وذاكرة ممتلئة بكل ما هو جميل.