من الممكن تأسيس وبناء إدارة مستقلة تقوم بوظائف التواصل؛ لكن مكمن الصعوبة في قيادة فريقها نحو النجاح، والأهم تحقيق الأثر المنشود.

لذا قبل بناء الهيكل الإداري، لا بد من فهم وإدراك الأهداف الاتصالية للأهداف الاستراتيجية للمنظمة، ثم بناء الخطوط العريضة لاستراتيجية التواصل، وتحديد منهج العمل الوظيفي للتواصل، هل سوف يكون عبر كوادر المنظمة نفسها؟ أم سوف يكون هناك اعتماد -كلي أو جزئي- على خدمات وكالات التواصل والعلاقات العامة؟ الإجابة المبكرة تساعد على تخطيط صحيح للهيكل التنظيمي وموارده البشرية، والميزانيات التخطيطية.

ثم بناء الهيكل الإداري لإدارة التواصل، من أقسام ووحدات، مع ضرورة اعتماد منهج هيكلي موحد، يسهم في تقسيم المهام والمسؤوليات بوضوح بين أقسام الإدارة، مثل: الهيكل الوظيفي أو الهيكل المصفوفي أو الهيكل الشبكي، ولعلي من خلال تجاربي أجزم أن أفضلها هو: "الوظيفي"، مثل اعتماد مبدأ التقسيم بناء على الفئة المستهدفة، بحيث يكون هناك إدارة للتواصل الداخلي تستهدف منسوبي المنظمة، وإدارة للتواصل الخارجي تستهدف جمهور المنظمة من مستفيدين ومهتمين وغيرهم، وأن يكون هناك إدارة داعمة للإنتاج الإعلامي تقوم بإنتاج القوالب الإعلامية لصالح التواصل الخارجي والتواصل الخارجي، ويمكن إضافة إدارة للتخطيط تعمل على التخطيط السنوي وبناء الاستراتيجيات والرصد والتحليل. وقد يشمل نطاق أعمال التواصل تنظيم الفعاليات، لذا لا بد من وجود إدارة تتولى تنسيق وتنظيم الفعاليات، حتى تحقق أهدافها الاتصالية. بالطبع وأن يشمل ذلك وصفاً وظيفياً، بالإضافة إلى المتطلبات الوظيفية وقائمة المهام والمسؤوليات، غير أن الأهم هو أن ترتبط إدارة التواصل برأس الهرم مباشرة، وأن تفصل عنها مهمة المراسم والتشريفات.

ثم العودة لتفصيل استراتيجية التواصل وخطابها الإعلامي، وتحويلها إلى خطة تنفيذية، ببرامج ومبادرات ذات نطاق زمني ومؤشرات أداء، وعددٍ من المكاسب السريعة، التي تعزز نجاح التواصل وترفع ثقة الفريق بنفسه، والاجتهاد في استقطاب كفاءات ذات خبرات اتصالية في مرحلة التأسيس، مع ضرورة تطعيمها بعدد من المختصين الفنيين في مجال المنظمة من ذوي الاهتمام الإعلامي، حتى تتقلص الفجوة داخل المنظمة.

وحتى ينجح التواصل لا بد من اعتماد هوية مؤسسية، تظهر في كافة المواد الإعلامية والاتصالية، لتمييز المنظمة وتعزيز ثقافتها الداخلية وتثبيت صورتها الذهنية، ومن ذلك توحيد معايير النشر، وتوثيق ذلك في سياسات وإجراءات تضمن الاستمرارية والاتساق، ولاحقاً اعتماد "كتاب أسلوب"، دون إغفال التعاون الأفقي الخارجي مع إدارات التواصل في مجال المنظمة نفسه.

وحتى يتطور التواصل بشكل علمي واحترافي لا بد من رصد وتحليل المواد الإعلامية الصادرة عن المنظمة أو ذات العلاقة بمجالها، وإعداد الملف الصحفي، ويتضمن تحليل اتجاهات التواصل الاجتماعي وتحليل الخطاب الصحفي وقياس التغير في سلوك المتلقي.

لا أحد يجادل بأهمية التواصل، لكن الواقع يُفصح عن تجاهل بعض القيادات توفير احتياجات التواصل من موارد مالية وبشرية، لذا يقع على عاتق قائد التواصل الكثير، بالتواصل والتوعية بدوره وأهميته، وإثبات دور التواصل وأثره.