لا اعتراض على قيام سفارة العاملة المنزلية بضمان حقوقها وتوثيق العقود والعمل على ما من شأنه حصولها على كامل ما ينص عليه العقد بينها وبين من استقدمها، فالسعي لضمان حقوق مواطن أي بلد أمر جميل من سفارة بلده، ونحن كتاب الرأي ندعو دوما إلى ضمان الحقوق ونشجعه، ولكن للكفيل سواء المواطن أو المقيم حقوق في العقد الموثق يجب حصوله عليها كاملة ومحاسبة العاملة إذا خالفت العقد الموثق وإلا ما فائدة التوثيق بالنسبة للطرف الثاني (صاحب العمل) أو الكفيل؟!.

الفلبين من الدول التي نستقدم منها بشكل كبير، وهي من الدول التي تحرص على ضمان حقوق عمالتها في الخارج، وأحيانا تبالغ في بعض الشروط والمتطلبات وتكثر من إيقاف إرسال العاملات لبعض دول الخليج كردة فعل لأي حادثة فردية تتعرض لها عاملة، وهذا شأنهم - وإن بالغوا فيه - ولكن يجب أن نشعرهم أيضا أن فتح دول الخليج أبوابها لعمالتهم أمر مهم لهم وخدمة كبيرة لاقتصادهم ومعيشتهم، ويستحق أن تكون لنا شروطنا وحقوقنا التي يضمنها العقد المبرم سواء مع عاملة منزلية أو سائق أو ممرضة أو طبيب أو مهندس أو فني أو ممارس صحي، فإذا بالغوا في شروطهم فيما يخص العمالة المنزلية لأنهم يرون نهمنا في طلبهم وحرصنا على الاستقدام منهم، فعلينا أن نبالغ نحن أيضا في شروطنا لاستقدام نفس العمالة المنزلية والفئات الأخرى من العاملين.

السفارة الفلبينية، وعبر مكتبها للقوى العاملة الفلبينية في الخارج المسمى اختصارا (بولو) تشترط على الكفيل السعودي لعودة العاملة المنزلية عند سفرها بتأشيرة خروج وعودة توثيق العقد بشروط جديدة واجازات أسبوعية ومواعيد عمل وبدلات.. الخ، مع دفع مبلغ 143 ريالا للتوثيق وإحضار العاملة للمكتب والانتظار ساعات طويلة (وقت الذروة) لتوثيق العقد، بل ويطلبون صور مستندات تخص الكفيل مثل صورة الهوية (مع أنه أمر منهي عنه) والعنوان الوطني وصورة تأشيرة الخروج والعودة.. الخ.

الغريب أنك تفعل هذا كله كصاحب عمل ثم حينما تغادر العاملة بتأشيرة خروج وعودة وتذكرة ذهاب وإياب لا تعود فتخسر قيمة تذكرة العودة ورسم التوثيق وجهدك في التوثيق وصور مستنداتك الشخصية وخسرت التزام عاملة بالعقد وتحتاج لاستقدام بديلة ولم تستفد إطلاقا من ذلك التوثيق! فأنت وثقت العقد لكنك لم تتوثق من أي حق من حقوقك كصاحب عمل، هذا خلاف الأمور الأخرى التي قد تبنى على الثقة مثل إعطائها راتب مقدم أو أخذها لأشياء من المنزل أو سرقتها لمقتنيات على أساس أنها بيتت النية بعدم العودة.

السؤال هنا هو: أين استفادة صاحب العمل من التوثيق في مكتب يتبع للسفارة، ولماذا لا تضمن السفارة حقه في استعادة ما خسره في هذا التوثيق من نفس العاملة وأهمها ثمن تذكرة العودة وثمن رسم تأشيرة الخروج والعودة، ورسم إصدار العقد الموثق وإعادة المسروقات إن سرقت ومعاقبة العاملة التي خالفت وعدها الموثق بمنعها من الحصول على عقد عمل آخر سواء في هذا البلد أو غيره كونها استغلت سفارتها في ارتكاب مخالفتها للعقد وحنثها بوعدها وأي جريمة أو سرقة، وبدون تحقيق ذلك من السفارة فإن التوثيق مجرد مبالغة في استغلالنا وكأننا الطرف الأضعف أو أننا في حاجتهم وليسوا في حاجتنا، وهذا غير صحيح فعقود العمل منافع متبادلة يحق لكل طرف استخدامها كوسيلة ضغط.