فكرة تكريم الرواد قديمة جداً قدم البلاد نفسها، فقد كرم فيها أدباء وعلماء ومبرزون في فنون عديدة، وهناك جوائز متنوعة ساهمت في بث روح التنافس في الصناعة والتجارة وحفظ القرآن، والأذان، والأدب، والعلم والطب، وعدد إن شئت حتى تنقطع..
شيء ما يحدث في بلادي، يثير أحقاد العاجزين، ويثير في الوقت ذاته حماس المنافسين، ويثير تساؤلات الحائرين.
في أيام متقاربة يعلن عن معرض إكسبو 2030 في الرياض، ويعلن عن كأس العالم 2034 في المملكة، وحدث ولا حرج عن مهرجانات واحتفائيات، سلطت الأضواء إلى هذه البلاد العظيمة في كل شيء.
ومن تابع الحراك الجاري في قطاعات شتى في بلادنا الحبيبة يلحظ التنوع والزخم المثير للدهشة، فكأنها تبعث من جديد، مشروعات جبارة تتحدى الخيال، ويكثر فيها الجدل، بين مصدق ومثبط، لكن العجلة مستمرة في دورانها لا تأبه بالمثبطين، ولا تلتفت للمخذلين، ولا تلقي بالاً للساخرين، فكأنها تترك الرد للواقع الذي يرونه فيزدادون حيرة، وتمتلئ قلوب الحاقدين حسرة، وهم يرون العالم الذي كان يشير بأصابع الهزء إلينا، ويهددنا يأتي بقضه وقضيضه يطلب رضانا، ويبحث عن المشروعات عندنا، ويتلهف لنظرة منا، ويشيد رغماً عنه بما يراه، ويسعى جاهداً لينال حصة منه.
وسأقف في مقالي هذا إلى حدث أثار زوبعة في فنجان، رأيت أنه كان ضربة معلم في مجاله، ومهم جداً في سياقه.
وهو في الحقيقة ليس بدعاً من الأحداث، وليس مستنكراً في هذه البلاد التي يحمل قادتها وشعبها أجمل معاني الوفاء في قلوبهم.
ففكرة تكريم الرواد قديمة جداً قدم البلاد نفسها، فقد كرم فيها أدباء وعلماء ومبرزون في فنون عديدة، وهناك جوائز متنوعة ساهمت في بث روح التنافس في الصناعة والتجارة وحفظ القرآن، والأذان، والأدب، والعلم والطب، وعدد إن شئت حتى تنقطع.
قد كان في مهرجان الجنادرية مكرمون، وكرّم ملوك وعظماء وعلماء دين ودنيا في جائزة الملك فيصل العالمية، وغيرها من الجوائز.
حسناً، ما علاقة هذا بعنوان مقالي؟ علاقته أن تكريم بعض المبرزين في الفن والتمثيل والطرب قوبل بهجمة شرسة كأنه التكريم الوحيد الذي لم يفعل مثله في البلاد!
والحقيقة أن اختيار المكرمين كان من المفاجأة لأهل الفن نفسه ما جعلهم في حيرة ودهشة، كان من المفترض أن يبادروا هم بها، خاصة وأن الشخصية الأبرز كانت فيهم وبين ظهرانيهم، لكنهم أهملوها، وتناسوها، وعجزوا أن يفكوا عنها الحصار، أو ينفضوا عنها الغبار! فاستطاع المنظمون في بلادي أن يفعلوا، واحتفلوا بشخصيتهم المبرزة، فاستشاط العاجزون غضباً، وفاه أهل البذاءة بقذارة ألفاظهم ما استطاعوا إلى النيل من المحتفين والمحتفى بهم بما فاهوا!
ولا ريب أن حيلة العاجز دوماً الشتم والبذاءة، ولعل قول القائل يحكي حالته مع قوم سرقوا متاعه: أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل. والمراد أن الشاتمين والوالغين في إناء هذه البلاد الطاهر لم يستطيعوا مجاراتها في أفعالها إذا اعتمدتها، وليس هذا في باب الترفيه والفن فحسب، لكن الموجع أنها كانت في نظرهم بدائية في مثل هذه المهرجانات والاحتفائيات العالمية، فإذا هي تسبقهم، وتتركهم يتابعون سيرها وهي تتقدمهم فيما يعجزون عن اللحاق بها، وكانوا يحسبون أنهم في المقدمة فإذا هم في حسرتهم يتلاومون.
وإني إذ أكتب هذا المقال متأخراً، فإني لست أريد الإشادة بشخص ولا بمحتفى به، ولكني أردت الإشادة بالفكرة نفسها، والتنبيه على أن هذه البلاد ولله الحمد قائدة في كل مجال، متى توجهت همتها لفعل فهي بعون الله قادرة على تنفيذه بل على التميز فيه.
فشكراً لعرّاب الرؤية، ولي العهد الأمين، وشكراً لكل العاملين لتصبح هذه الرؤية واقعاً يلجم أفواه الحاقدين. هذا، والله من وراء القصد.
التعليقات