إن الإعلام الغربي بنزعته المتحيزة يريد أن يبث فينا روح الإحساس بالضعف والهوان والانهزام والقهر من الآخر بينما نحن غير ذلك.. فمنطق الانهزامية لا يجد إلى قلب العربي طريقاً؛ فالقوة في اتخاذ القرار يرجع إلى امتلاء الذات بالـ(نحن).. ونحن بكل إرثنا صناع للفعل ولم نكن أبداً في تاريخنا ردود أفعال..
كانت المرأة العربية والطفل رديفين، استهلكا من الأبحاث والمؤتمرات ما يفوق مشكلة الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين في أواخر العقد المنصرم، وهما قضية واحدة صنو الأخرى.
فالمرأة العربية لها تاريخ متعدد المحاور من حيث الإرث القبلي والعادات والتقاليد، ثم الديانة، وتعاقب الرسل. وجاء الدين الإسلامي لينصفها لما لها من عزة وكرامة العزة في معاملتها؛ فالجزيرة العربية أول من سن هذا التاريخ حيث كانت المرأة في الغرب تعاني من سلطة الرجل. ولذلك كانت قضاياهم الفكرية تأخذ هذا المسار منذ القرن التاسع عشر، فنجد الكاتب النرويجي "هنريك إبسن " يسطر رائعته بيت الدمية لنفي ظاهرة العنف ضد المرأة فحين صفعت نورا الباب قال النقاد لقد ارتجت جدران أوروبا من تلك الصفعة، فالمرأة في الغرب كانت تعامل كالدمية لا سلطة لها ولا قرار. وإذا نظرنا إلى تكوين شخصية المرأة في الجزيرة والوطن العربي نجدها هي سيدة القرار، مسموعة الكلمة ولغتنا نحن كتاب الدراما هي الباعث والمحفز على الفعل. الملكة بلقيس ملكة سبأ كانت امرأة عربية شهد لها القرآن برجاحة عقلها وفكرها فهي ملكة عادلة ترجع إلى الشورى حيث تستشير قومها في رسالة سيدنا سليمان عليه السلام وحين تسألهم يرجعون الأمر لها كي تتخذ القرار ومن هنا تأخذ قرارها بنفسها وشعبها دون خوف أو هزيمة وإذا رجعنا إلى فترة حكمها سنجد إنها فترة مزدهرة وذلك من الآثار التي تركتها مملكتها وكذلك عرشها الذي هو الآن يستقبل الزوار والسياحة. وإذ نظرنا إلى دور المرأة في اتخاذ القرار سنجد أيضا امرأة فرعون وهي تثنيه عن قتل موسى عليه السلام وقد استباح دماء الأطفال خوفا على عرشه، وكذلك شجرة الدر وقرارها بإخفاء موت زوجها أثناء الحرب حتى يصل توران شاه ويتسلم القيادة لكي يتحقق النصر ثم تحكم هي مصر، وللمرأة شأن في الجزيرة العربية. هذه هي المرأة العربية بكل ما لها من حقوق وواجبات في مجتمعها وأسرتها وهذا لا ينفي الرجل وحقوقه عليها فهي تعرف ما لها وما عليها بعقل راجح بعيدا عن تسطيح الأمور والفكر، فيشير أحد الكُتّاب بأن الرجل كان يعتبر بلا منازع رئيس الأسرة، وصاحب الكلمة فيها ثم يأتي قرار السيدة خديجة -رضي الله عنها- حين يأتي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأمر الرسالة فتكون أول من أسلم وهي من أشراف قريش وسادتهم لم تتراجع أو تتردد في اتخاذ قراراها بالتصديق والمؤازرة لسيد الأمة صلى الله عليه وسلم ورسالته. فمن أين أتت هذه النظرة الدونية للمرأة العربية؟
حاول البعض تشيئ المرأة، ولكن بظهور شمس الوعي ونور النهضة على يد سيدي محمد بن سلمان -حفظه الله- وبرؤيته 2030، عاشت المرأة كينونتها وقراراتها في مشاركتها لنهضة بلادها وهذا ليس بخاف على أحد. ليس هذا المقال تأثرا بدعوات الغرب المغرضة والهادفة لتفكيك الأسرة العربية ولكن خوفا على إرثنا الحضاري الذي كان يفوق توصيات الشرق الأوسط الكبير الذي أتوا به من هناك من بعيد من خلف النهر الكبير بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
إن استغلال الدعوات السالفة في توظيف الأعراف السالبة منها أمر لا يقبله أحد، فالرجل بنزعته القبائلية هي ما فتحت علينا أبواب الفكر الغربي بتوصياته في شكل من أشكال الإصلاح، والإصلاح لابد أن ينبع من الذات من تطبيق شرائع الله في حفيدات أمهات المؤمنين وبنات الجزيرة التي تعمد البعض للإساءة إليهن في رواياتهم وهن إرث النساء الشريفات في العالم إن جاز التعبير.
إن الإعلام الغربي بنزعته المتحيزة يريد أن يبث فينا روح الإحساس بالضعف والهوان والانهزام والقهر من الآخر بينما نحن غير ذلك.. فمنطق الانهزامية لا يجد إلى قلب العربي طريقا؛ فالقوة في اتخاذ القرار يرجع إلى امتلاء الذات بالـ(نحن).. ونحن بكل إرثنا صناع للفعل ولم نكن أبداً في تاريخنا ردود أفعال.
لقد اطلعنا على شخصيات هم أمهاتنا في كيفية اتخاذ القرار بشرف وكرامة وتعاليم الدين الحنيف لا ننسلخ من زينا أو عاداتنا التي نفتخر بها وإنما كيف نختار القرار ونتخذه ثم نفعله فنحن صناع القرار وصناع الأجيال ولا أعتقد أن الرجل يقبل بأن تربي أبنائه وأطفاله أم غير قادرة على اتخاذ القرار فماذا إذاً لو نظرنا للمرأة في الغرب والمصدرين لنا تلك التوصيات التي من المفترض علينا تطبيقها؟ فلماذا لا ينظرون في أنفسهم أولاً؟
المرأة في الغرب الآن تعاني من العديد من القضايا مثل( زنا المحارم، تأجير الأرحام ونسب الطفل لأم لم ينبت في رحمها، أجور النساء منخفضة عن أجور الرجال، تسليع جسد المرأة وعرضه كسلعة في "الفاترينات" والإعلانات والدعاية، وإباحة الإجهاض واستباحة العشيقة للزوج أمام زوجته) والعديد العديد من امتهان كرامة المرأة بينما نحن نساء كرمنا إرثنا العربي وديننا الإسلامي في أبهى صورة حضارية يحتذيها العالم. لكن المشكلة برمتها تكمن في صوره المرأة ومفهومها كامرأة لدى الرجل العربي، فالمرأة العربية درة نفيسة يجب معرفتها جيداً ويجب أن تعي هي ذاتها وتتخذ قرارها، فلا تتبع تلك الصور المشينة في وسائل التواصل الاجتماعي لكسب المال والشهرة الزائفة.
التعليقات