أحد محلات الخياطة الرجالية بدأ منذ سنوات قليلة بسعر 70 ريالا، ثم أصبح يزيد سعره سنويا حتى وصل إلى أكثر من خمسة أضعاف، هذا لسعر الخياطة فقط (شغل اليد) دون سعر القماش ولا زال مستمرا في رفع السعر مع اقتراب كل عيد فطر، والخياطة عمل يدوي لم يحدث في التكلفة ما يستدعي رفع سعره بهذا القدر، ناهيك عن أنه لم يشجع السعودة أو يلتزم بها كما ينبغي، وبناء على أسعاره المرتفعة جدا فإن بقية محلات الخياطة ترفع أسعارها وبالتالي فإن المستهلك يتضرر حتى لو أراد أن يصنع ثيابه عند محلات أرخص وأقرب لدخله المحدود، فإن التكلفة عليه ارتفعت منطلقة من ارتفاع المحل الشهير وإن كان بدرجة أقل، إلا أن تكلفة اللباس الوطني زادت عن قدرته، بل حتى الثياب الجاهزة تضاعفت أسعارها بسبب ذلك الرفع الجشع من محل أو أكثر يظنون أنهم من خياطي النخبة.

الثوب الوطني السعودي لباس وطني نفخر به وهو مطلوب بفخر في جميع مواقع العمل والمراجعات الحكومية والمناسبات الاجتماعية والوطنية، وبالتالي فإنه ليس خيارا ترفيهيا، بل أحد الاحتياجات الأساسية التي إذا طالها الجشع والاستغلال وجب حمايتها، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن هذا الزي الوطني مطلب في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية وكثير من القطاع الخاص، ولذا فإن علينا دائما أن نفكر في ذي الدخل المحدود والطالب واليتيم والموظف ميسور الحال.

لذا فكرت في هذا الأمر كثيرا، خصوصا أنني من مؤسسي جمعية حماية المستهلك ضمن 35 شخصا من الكتاب والإعلاميين والمهتمين بالمستهلك، وذلك حرصا على تيسير الأمور على ذوي الدخل المحدود، وقد خرجت بأن علينا أن نضع حدا لهذا الاستغلال بنفس الطريقة التي أوقفنا بها استغلال صالونات الحلاقة، فمثلما تم تحديد تكلفة الحلاقة ووضع لوحات بذلك مفروض على كل صالون حلاقة وضعها في مكان بارز والالتزام بها، فلماذا لا يتم تحديد تكلفة خياطة الثوب بدون قماش ووضع التكلفة في مكان بارز وفرض الالتزام بها تماما كما في الحلاقة وكليهما عمل يدوي؟!.

قد يقول قائل إن محلات الخياطة تتفاوت في الجودة والمميزات والإضافات وسرعة الإنجاز، وأنك إذا أردت ثوبا رخيصا فابحث عنه لدى الأرخص، وهنا أذكر أن الأرخص رفع سعره اقتداء بالأغلى فأصبح صاحب الدخل المحدود عاجزا عن تحمل التكلفة المرتفعة حتى للجاهز، ثم حسنا لنفترض ضرورة تمييز الأجود في المنتج والإضافات والمميزات وسرعة الإنجاز، كل ما علينا هو تصنيف محلات الخياطة حسب تقييم دقيق وعناصر محددة تماما مثل ما نفعل مع الفنادق ونضع أساس لسعر معقول لا جشع فيه يعتمد على التصنيف الدقيق، ثم نترك الخيار للمستهلك.

المهم أن يكون الثوب السعودي المفخرة في متناول الجميع وبتكلفة لا ترهق ذوي الدخل العادي والمحدود ولا تسمح بالاستغلال المبني على جشع يستغل سلعة وطنية أساسية نفخر بها وبوطن ألبسنا إياها وألبسنا معها ثوب السعادة واليسر والرفاه بفضل الله.