يقول الروائي الروسي الكبير فيدور دوستويفسكي: "إذا كانت البدايات وحدها جميلة، دعنا نبدأ مجدداً، دعنا نبدأ مراراً وتكراراً، دعنا لا ننتهي أبداً، دعنا لا نتوسط ولا نتعمق ولا نمل فننتهي".

وها هي بلادنا من هامة لأخرى على قمة طويق نبدأ ولن ننتهي.. نقيم معلما حضاريا كبيرا يتوافق مع تلك الدعوة العظيمة "همّتنا مثل جبل طويق" عِمارة ستشعرنا بنوع من التحول الفكري والوجداني، سنشاهد العمل يرتقي مع الطموح ذلك الذي دعا إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأطلق عنانه نحو السماء استشعارا بالطبيعة الفخمة العالية القيمة لبلادنا وتفاعلها مع الإنسان.

لم تكن دعوة فقط.. بل تحفيز عملي للمجتمع وتجاه الطبيعة تتجسد الآن على أرض الواقع.. وليكون طويق ليس مجرد صخور وارتفاعات تحيط بنا.. بل حاضر مضيء صنعته الرؤية متجددا جميلا مع احتفاظه بهامته التي لا تنحني.. كي يتحلى بوشائج حديثة تمتزج بصخوره التي لن ترحل، وارتفاعاته التي لن تهدم.. وفق علاقة جديدة اسمها مشروع القدية ووليده ملعب الأمير محمد بن سلمان الذي لن يكون له مثيل في العالم حينما يتربع على أعلى الجبل مستلهما الجمال والتاريخ، مستكينا لكل ما يفرضه هذا الجبل العظيم من تقلبات طبيعية.. لأن الملعب حضر ومعه كل ما يلزمه ليتوافق وينسجم مع تضاريسه جيولوجيا وبيئيا.. وحتى الجغرافيا، وما يذهب إلى خاصية التوافق والتكيف البشري.

في فرحة التحفة المعمارية الجديدة نستعيد مرّات لا نحصيها دعوات قائد الرؤية السعودية 2030 إلى السعي الدائم لالتحام الطبيعة والتنمية في جسد واحد، لذا لم تكن نيوم ولا العلا استثناء.. بل انطلاقة ستكون حاضرة في المكون السعودي جميعا، وما نهضة القدية إلا عنوان آخر في مسيرة التنمية الخضراء بصناعة علاقة طبيعية قد يكون من حسن حظ بلادنا أنها تمتلك كل الاختلافات الطبيعية المتباينة التكيف وبما يجعل صناعة الجمال وبث الروح فيه أولا ومن ثم التنمية والاستثمار شأنا آخر مهما.

نسترجع كثير من الأفضليات الحاضرة الآن التي تؤكد أن ليس بمقدور أي بلد أن يتطور من دون أن يستثمرَ في بيئته والجغرافيا التي يعيشها، ويُنشئ فيها كل ما هو معينا للتنمية في البشر والمال، ونحمد الله أن تنميتنا عُنيت بقيادة فكرية واقتصادية متمكنة وذات عزيمة تعمل بموجب قوانين وأنظمة عصرية تشمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية.. قيادة تعبر عن السياسية الذكية في التغيير الإيجابي على مستوى المجتمع، والركن الأهم في النمو والتنمية، فهي المصدر الأساسي للقرارات المهمة والمصيرية في مسيرة البلاد وما ينعكس على ذلك من تحقيق الاستقرار المجتمعي والارتقاء الإقتصادي.

أختم القول بسؤال مهم: كيف ستبدو السعودية بعد عقد من الزمن؟ لن نستطيع تخيل حجم التفاؤل بذلك رغم أننا نعيش واقعا تنمويا عظيما.. لكن ما نعرفه ونؤمن به أن هناك نهضة بلد يقودها رجل مدرك سيكون من الجدير أن تكون في القمة.. وعليه لا ريب أن تقتحم البعد العالمي تفوقا وتميزا من حقبة إلى أخرى تعيش ألقا حتى بلغت أن تكون ضمن المتميزين العشرين عالميا تنمويا واقتصاديا.. وفي الطريق -بإذن الله- تقنية وصناعة ستكون في الصفوف الأولى الأهم.