استميح القارئ الكريم عذرا بالعودة لموضوع التعليق على المباريات، في سبيل استمتاعنا بكرتنا التي بلغت آفاقا كبيرة نجوما وأداءً.. وأقول مستعين بالله إن مشاهدة المباريات الكروية عبر التلفاز يرتبط بمقومات كثيرة.. من أهمها وجود معلق أو واصف على قدر كبير من الدراية والفهم وحسن الصوت والمعلومة الثرية وبين ذلك البعد عن التكلف اللفظي الذي بات عنوانا لبعض المعلقين، فنحن مجبولون على من يزيدون مشاهدتنا سهولة وألقا وثقافة وحبورا، ونبحث عنهم في الاختيارين الملحقة بالقناة الناقلة للدوري.

هنا لن أبخس بعض من معلقينا تألقهم فلدينا معلقون من فئة المثقفين الممتعين، ممن يجعلونك متشبثا بالمباراة من البداية وحتى النهاية، ولنا في الكعبي وخليف والعتيبي والحربي وشلبي مثلا قائما بقدرتهم على جعل المباراة لوحة جميلة الكل يرغب في مشاهدتها، وتتبع أحداثها حتى لو لم يحسن اللاعبون تقديمها بشكل جيد، في المقابل هناك من هم دون ذلك؟!.

وليسمح لي أخواني المعلقين بالتأكيد على أن هناك فاصلا إذا تجاوزه المعلق أصبح مهرجاً.. أجزم بذلك؛ لأن ليس هناك مباراة استمتعنا بها إلا كان خلف ذلك معلق مبدع منح مستمعيه الكثير من الإثارة والتشويق ينتقي كلماته ويعتني بعباراته.. لذا كانت هناك كلمات وأوصاف ظلت خالدة عبّرت عن اللاعب أو الحدث بأفضل كلمات، ولن نبتعد كثيرا عن كأس آسيا القائمة حاليا في الدوحة ونحن نرى القيمة العالية المصاحبة لمنافساتها بعد أن خبرنا ارتباط الإثارة والمتعة الكروية بالنقل الرائع وبالتعليق والوصف المثاليين.. والأهم من كل ذلك القبول من لدن المشاهدين مع تغليب الحياد.

جانب مهم في مهمة التعليق الكروي، شخصيا لا أجد أي شيء أكثر صفاقة وسماجة من أن ينحى المعلق إلى تغليب العاطفة على حقيقة الحدث وهو ما يفعله كثير من معلقينا حين المواجهات الخارجية للأندية والمنتخبات، لكي يثبتوا ولاءهم أو انتماءهم، كذلك الأمر نفسه حينما يريد أن يكون حيادياً في المدح أو التقريع في ظل منافسة ظاهرة المعالم والتفضيل، فيضيع بين المجاملة والخوف من النقد، وفي كلا الحالتين يسقط المعلق.

ختام القول إن التعليق الرائع أصبح فناً لا يدركه إلا القلة، ورحم الله أكرم صالح الذي قال عن دخلاء التعليق "ليس كل من صفّ الصواني حلواني"، فهناك من المعلقين من يفسد متعة المشاهدة، ومنهم من يجعلك متيقظاً شديد الانتباه إلى ما تشاهده وتسمعه.. ومن جهتي كثيراً ما رددت ودون ملل أنه ما من مرة استمتعت بمباراة كروية إلا وجدت خلف هذا الاستمتاع معلقاً متألقاً.. استطاع أن يمنح مستمعيه كل الإثارة والمتعه اللتين يحتاجونها.. ومع تفضيلاتنا أحيي القنوات التلفزيونية السعودية SSC التي تضع أهمية المعلق كما أهمية النقل، لأنهما سبيل النجاح، لكنها مطالبة أكثر بأن تضع معايير صارمة ومراجعات مستمرة تستقيها من المشاهدين.. عموما أتمنى أن يعود الوهج إلى هذا المجال الذي كان -وإلى وقت قريب- مصدراً للمتعة والإثارة والمعلومة.