سعوديا.. ما اجتمع أناس في استراحة أو مقهى لتبادل أحاديث عابرة الا وكانت كرة القدم حاضرة في حوارهم يتناولون منافسة تحتدم أو قضية كروية حاضرة، وليس ببعيد أن يدخل حتى المنجمون العرب في المعمعة الكروية السعودية طلبا للانتشار.

من هنا نقول إن كرتنا السعودية جميلة ومتطورة وتخطو خطوات مدروسة لتكون في الصفوف الأولى عالميا، وتحظى بتفاعل ومتابعة دولية وعربية كبيرة جدا.. ومع ارتقائها اللافت إلا أن خاصية تقييمها وتبسيطها للمتابعين والمشاهدين في القنوات التلفزيونية المعنية بالشأن السعودي تمر بمرحلة عجز مخل.. ولن أحضر بجديد إذا ما قلت إن المفكرين والمهتمين والمتابعين السعوديين يجمعون على ضعف أدوات الحوار الرياضي في برامجنا التلفزيونية، بما أوجد سيطرة الرؤية الأحادية المغلقة.. وفق منهجيات تفتقد أدنى قواعد الحوار، ولا تقبل النقد الموضوعي البناء.

في مشهد التحليل الرياضي فوضى متنامية، حتى إنه أخذ بعدا تضليليا ملحوظا بدأ وكأن السيطرة عليه صعبة جدا، وقد يبدو السبب أولا الإثارة المطلوبة التي تسعى الوسيلة الاعلامية لاضافتها كي تحظى بمتابعة أكثر من غيرها، وفي مرات كثيرة أن تكون مرتبطة بأجندة كروية تعمل على تمريرها، وقد يكون السبب أحيانا في نوعية المحللين البعيدين عن الالتزام الأخلاقي.. جميعها جعلت الفوضى التحليلية تأخذ ابعادا مخلة بعيدا عن المواثيق الإعلامية وأخلاقيات المهنة.

ولن نخجل هنا أن نقول إن كثيرا من الإعلام الرياضي قد بلغ من التفاهة أن الاختلاف فيه قد اصبح عنوانا رئيسا لبعض البرامج الرياضية.. حتى بلغ الأمر إلى التسابق للاستعانة بالتافهين من نوع الأراجوزات التي تضيف مشهدا مضحكا ولا تخجل من أن تزوّر الحقائق وتلعب حتى في المواثيق التاريخية.. ولن نخجل أيضا أن نقول إن هناك متطفلين لا علاقة لهم بالإعلام ولا الرياضة يُدفع بهم قسرا أمام المشاهد ليكونوا ضد الفكر والارتقاء والفائدة، أي أنهم يقتحمون مهنة لا يعرفون أبجدياتها ولا يدركون معانيها!

التفاهة هي الغالبة؛ لكن لا ننكر أنه قد تهيأ لنا بعض قليل ممن أحسن إلينا بشرح مفيد وعرض جيد، لكنه لا يقاس أبداً بالكثرة من أولئك الذين أوجعوها وزادوا من ألمها.. وكأنك إزاء توجه نحو ما يريد الناقل من إثارة وربحية! لا ما يفرضه الحدث.

المهم في القول أن الرياضة السعودية متطلعة جميلة، إلا أنها لا تستحق حضورا متخلفا يتلخص في أراجوزات تتواجد خلال حوارات وبما يدفعنا إلى أن ندعو بالرحمة على صورة الناقد العاقل المتزن التي أصبحت من النوادر في هذا العصر، تلك الصورة التي كان يبدو فيها فخورا بكل من ينتمي الى فرق وطنه في الرياضة وغيرها، معتزا بهم لا يسمح أن يكون إمعة تقاد وقابلا لأن يكون ضدهم، متفاعلا إيجابيا مع كل ما يهم بلاده، رافضا لأي وضع لا يتفق مع تطلعه الكبير بالارتقاء بالمستوى الفكري والرياضي لبلاده ولمجتمعه.