من أسعد الأخبار الإيجابية التي تلقيتها هذا الأسبوع من مصدر رفيع بوزارة الصحة، بعد طول انتظار لهذه الإجابة، هو أن وزارة الصحة بدأت فعليا ومنذ فترة في تطبيق الرقابة على عمل الممارسين الصحيين الحكوميين في القطاع الخاص وفق الضوابط الدقيقة الحكيمة المحكمة التي صدرت عن مجلس الوزراء، وزودني المصدر بجدول إحصائي لحصيلة فترة سابقة من الرقابة والمتابعة وسمح لي بنشره وأكد لي أن العمل يجري على قدم وساق في تطبيق قياس التزام كل من الممارسين الصحيين ومستشفيات القطاع الخاص بتلك الضوابط، وأنه تم تطبيق الغرامات الرادعة على المخالفين، وأن الوزارة تستقبل البلاغات عن المخالفين لتلك الضوابط وتتجاوب معها بسرعة.

وكان حزم وعزم سلمان بن عبدالعزيز، ورؤية ولي عهده الأمين قد شمل هذا التسيب برياح الإصلاح الشامل فوافق مجلس الوزراء على ضوابط السماح للممارسين الصحيين بالعمل في القطاع الخاص خارج وقت الدوام الرسمي، وهي ضوابط محكمة وشاملة تضمن قيام الطبيب الاستشاري بواجبه في المستشفى الحكومي على أتم وجه يستفيد منه مريض المستشفى الحكومي بما يليق بما يقدمه الوطن للأطباء من أجور عالية وبدلات مجزية وتليق بما تهدف له الرؤية من الرقي بالخدمات وجودة الحياة وتحقيق أعلى درجات الأداء الوظيفي والالتزام بالأنظمة.

ومن أبرز الضوابط في ذلك السماح، ربط رخصة السماح بمنصة إلكترونية دقيقة لا يسجل فيها إلا من أيدت جهته الحكومية قيامه بالنصاب الحكومي وتحقيقه جميع الأهداف المطلوبة منه في عمله الأساسي من حيث الانضباط والجودة والإنتاجية وتحديد مقر عمله في القطاع الخاص وساعات العمل فيه، وأنها خارج وقت الدوام الرسمي وتقنين حد أعلى لساعات العمل في الخاص، وأنها لا تتعارض بأي حال مع عمله الرسمي في الحكومي، وتطبيق نظام مراقبة إلكتروني لهذا السماح يعاقب من يخالفه سواء الممارس الصحي أو مقر عمله في القطاع الخاص، ومن المؤكد أن جهته الحكومية تشترك في المسؤولية عما يخصها في أمر الالتزام.. وغرد معالي وزير الصحة الأستاذ فهد الجلاجل في حينه عن تلك التراخيص التي تضمن الالتزام بضوابط تحقق سلامة المرضى والأداء العالي في القطاع العام والحكومي.

وليس أدل على شمولية ودقة تلك الضوابط وإحاطتها بجميع جوانب تلك القضية من أنها لم تترك عذرا لأحد ولا ثغرة تستغل، فحتى لو تعذر الاستشاري بأن المستشفى الحكومي الذي يعمل به لا يحتوي ما يمكنه من القيام بالنصاب المطلوب فإن عليه أن يكمل النصاب في مستشفى حكومي آخر ليحصل على رخصة السماح بالعمل في الخاص خارج وقت الدوام.

وحسب جدول الإحصائية التي زودني بها المسؤول لفترة وجيزة لملخص قياس مدى التزام الممارسين الصحيين الحكوميين في القطاع الخاص فإن عدد المؤسسات التي تمت زيارتها في تلك الفترة الوجيزة هو 2587، وعدد الممارسين المخالفين هو 176 مخالف، وعدد المؤسسات المخالفة هو 30 مؤسسة مخالفة، وهذه الأرقام تعتبر كبيرة إذا علمنا أن مستشفيات القطاع الخاص الكبيرة (ليس المستوصفات) التي تستخدم ممارسين حكوميين لجذب المرضى قليلة جدا وقريبة من الرقم المخالف.

قال لي أحد الزملاء الأطباء: لماذا تركز على هذا الموضوع؟ قلت إن أي إنسان يرى معاناة مريض من غياب الاستشاري خاصة من يحضر لموعده من قرى بعيدة ولا يتأثر وينتصر له ليس لديه مشاعر فما بالك إذا كان ناقدا ومتخصصا وهذا دوره، وقال لي آخر: ألا ترى أننا بالعمل في الخاص نمكن المريض من الاستفادة من تواجد الاستشاري الحكومي في الخاص؟ قلت لو بقي الاستشاري الحكومي في عيادته الحكومية وقام بالنصاب المطلوب منه لأصبحت مواعيد المستشفيات الحكومية قريبة ولم يحتاج المريض للمستشفى الخاص.