خرج سعد اللذيذ بحوار مُنتظر لوضع النقاط على الحروف، لكنه أخذ الحروف وترك السطور فارغة بلا كلمات، فتفرغ رؤساء الأندية لملئها بأي تصريح طمعاً في الهروب من المشهد. لم يقدم اللذيذ مشروع الاستقطاب كما يجب رغم أن المشروع يهدف لريادة المشهد الرياضي في العالم، ولم يوضح في حواره لغة الأرقام الشفافة والمنصفة ولم يواكب في شفافيته شفافية وزارة الرياضة التي تنشر استراتيجية الدعم وبيانات الحوكمة والكفاءات المالية لكل الأندية، وهذا من صميم عمل اللجان.

هذا الغموض ساق الجماهير والإعلام لتفسير المشهد وفق الأهواء والميول والعواطف، وأصبحت اللجنة التي غيرت المشهد الرياضي غير مرض عنها رغم الحراك التاريخي والمشروع الوطني. هنا وجدت إدارة الاتحاد الفرصة للقفز من القارب بعد صيف كارثي فشلت فيه من استغلال الدعم وبناء فريق قادر على الدخول للمنافسات الكبرى بخطوط مكتملة، أو على الأقل بشفافية إدارية مع المدرج توضح سبب العجز وتفاصيل إلغاء مفاوضات وصلت لمراحلها الأخيرة لكنها تعثرت بحجة الميزانية كما يؤكد الرئيس الاتحادي. ولأن الجار للجار فقد قرر العيسى المشاركة في هذه الحفلة وطالب مع أنمار بالعديد من الأسماء العالمية وبدأ حجز النجوم وكأنهم تذاكر لقاءات لا تكلف الأندية سوى الرفع بالاسم قبل الجميع، في مشهد فوضوي لا تفسير له غير العشوائية التي سمح بها سعد اللذيذ؛ لغموض تصريحاته وتناقضها، ليكمل عليها من التزم الصمت ومارس العبث طوال الصيف!

انفتح فضاء المزايدات في سوق بلا لوائح، فشارك البقية في الحفلة، الهلال يؤكد مفاوضات كريستيانو وصلاح قبل الجميع، والشباب مع بنزيما، والأهلي مع سافيتش، وأنمار يحذر من استقطاب النجوم الذين رفع بأسمائهم و»اللي ما يشتري يتفرج».

خُتم المشهد الفوضوي والغامض بتصريح تساوي الأندية في الدعم بعد ثلاث سنوات، والذي يكشف حقيقة تفاوت الدعم هذا الصيف وعدم وضوح آليته، وعدم الاهتمام بمشاركة الاتحاد المونديالية، ومراعاة حرمان الأهلي من التسجيل في الموسم المقبل، مما زاد الاحتقان وكلف الكيانات ثمن فشل إداراتها غير الربحية التي تملك النسبة الأقل في النادي في حين مارست الإدارات الربحية دور الفرجة على سوء العمل وعشوائيته.

ظُلم الاتحاد في سوقه الصيفي بسبب الجهل الإداري وعدم حرص لجنة التعاقدات على تقديم مصلحة الوطن فوق الاعتبار، وإنقاذ نادٍ عانى من الجهل الإداري، قابل ذلك تعامل الصندوق بثقة مع فكر الإدارة الاتحادية البائد وهذه بحد ذاتها تحسب عليهم وعليهم تحمّل تبعاتها الاستثمارية.

ولأن الثمن كان تصدر المشهد مارست الإدارة الاتحادية الصمت، وبعد التهميش قررت الحديث تحت ذريعة «حان وقت الجعجعة»، لتكمل مشهد العبث الإداري بإقالة المدرب وتحميله تبعات هذه التخبطات وتحميل النادي ضريبة إقالته وهدم الاستقرار الفني، ساهم في ذلك تأخر التعاقد مع رئيس تنفيذي وضح من حضوره مؤخراً قدرته على ترتيب الأولويات وتنظيم العشوائيات وإعادة بناء الفريق فنياً وفق خيارات واضحة ومحددة.

ما سبق يجعل ضرورة ارتفاع وتيرة العمل في الاتحاد بين مثلث الإنقاذ «المدرب، الرئيس التنفيذي، الصندوق» لترميم ما يمكن ترميمه وإعادة بطل الدوري للواجهة من جديد، قبل توضيح حقيقة الادعاءات التي أساءت للمشروع أولاً قبل أن تتجنى على الاتحاد، ثم التركيز على اختيار الكفاءات الإدارية التي تواكب المرحلة وترتقي بالأندية وتساعد على ترجمة الجهود الوطنية المبذولة للارتقاء برياضة أرهقتها اللجان البدائية والإدارات البائدة والتصريحات التي تفتح النار ولا تجيد إطفاءها.

عماد الحمراني