الرسائل ليست ورقاً، بل روحاً تتحدث معك فأنت حين تقرأ تتخيل كاتبها، وكيف جلس وكيف أمسك القلم وتستعين بعقلك في صنع نظرة خاصة، وابتسامة تندرج من هذه الجملة، ودمعة من سطرها الأخير.
ومع كوننا في زمن توفرت فيه كل وسائل التواصل؛ إلا أنه لا زال هناك ما يُقال، لفرد ولمجتمع، وللحياة أجمع كاعتذار وتساؤل وأمل، كرغبة في إيصال صوت ومحاولة لعناق طويل.
لذا خصصت «الرياض» مساحة للرسائل الأدبية عبر سلسلة بعنوان «علمتني الحياة «، نقرأ منهم تجاربهم ونتلهف لسماع قصصهم ونتساءل معهم ونتعلم من أحرفهم.
عزيزي الأديب إبراهيم شحبي...
ثمة أشياء عبرت دون أن تتوقف عندها، أتذكر عندما أكملت دراستك، عددٌ من أندادك لم يكن لهم رغبة في إكمال الدراسة، إلا أن خمسة أو ستة منهم عادوا إلى مقاعد الدراسة متأثرين بك.
عندما رزقك الله بالوظيفة ثم تزوجت، هل تعرف مقدار السعادة التي تسببت فيها لتلك المرأة التي وقع اختيارك عليها كرفيقة عمر لك؟!
عندما كنت تعلم التلاميذ، مثل أي معلم، يمر به المئات ويرحلون، ولكن؛ هل تعلم أن هناك العشرات يرددون عبارة سمعوها منك لأول مرة، بل ومنهم من عمل بها؟!
عندما كنت تبني منزلك، هل تعلم كم شخص تسببت في إدخال السعادة عليه، لأنه حصل على الأجر وانحلت له مشكلة كان يبحث لها عن مخرج؟!
عندما استأجرت عاملاً لمزرعتك في بلدتك الريفية، هل تعلم مقدار الخدمة التي قدمتها له، وهل تعلم الشعور بالأمان الذي حققته له وهو يدرك تمامًا أنه سوف ينال أجره قبل أن يجف عرقه؟!
أتذكُر يا إبراهيم عندما استقدمت عاملة منزلية من وراء البحار! هل تعلم مقدار السعادة التي كانت عليها عندما وجدت فرصة عمل في منزل يسكنه أفرادٌ أسوياء؟!
اسمح لي يا إبراهيم أن أعرض ما كتبت على القراء في الفيس بوك:
«أُنصت اليوم إلى ذاتي المتعبة؛ كانت تشكو من أعراض الشيخوخة وعوارضها الدائمة، تركتها تبوح بعد سنوات العمر ها أنا خالية الوفاض، فراغ في فراغ، ليس لدي ما أقبض عليه.. لست أقصد المال، ولا الجاه، ولا السمعة.. كلها أمور فارغة تشبه مشاعري الآن... أنا أبحث عن شيء ما يجعلني أشعر أنني عشت عشرات السنين».
وبقي أن أقول:
بلغ ذاتك ألا تجحد ما قدمه إبراهيم من حب للحياة والناس ومنها الكتابة ذات القيمة العليا بين الفنون والتي اِنعكست على سلوكك وروحك فهذبتها وجعلت لها جمالاً آخّاذاً.
التعليقات